تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة، شهدت منطقة الجوف انطلاق فعاليات “المنتدى الدولي للحرف اليدوية”، الذي افتتحه صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن مشعل بن بدر بن سعود بن عبدالعزيز، نائب أمير المنطقة. يأتي هذا الحدث الهام، الذي يُقام في مركز الجوف الحضاري بمدينة سكاكا على مدى يومين، كأحد أبرز فعاليات مبادرة “عام الحِرَف اليدوية 2025″، ليجسد اهتمام المملكة المتزايد بقطاع الحرف والصناعات التقليدية.
خلفية تاريخية: الحرف اليدوية كجزء من الهوية السعودية
تمثل الحرف اليدوية في المملكة العربية السعودية سجلاً حياً لتاريخها الغني وتنوعها الثقافي والجغرافي. فمن حياكة السدو، التي أدرجتها اليونسكو ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية، إلى صناعة الفخار في الأحساء، والنقش على الخشب في نجد، وصياغة الحلي الفضية في عسير، تروي كل قطعة حرفية قصة فريدة عن البيئة التي نشأت فيها ومهارة الأجداد التي توارثتها الأجيال. لم تكن هذه الحرف مجرد أدوات للاستخدام اليومي، بل كانت تعبيراً فنياً ورمزاً للهوية القبلية والمناطقية، مما يجعل الحفاظ عليها واجباً وطنياً لصون الذاكرة الثقافية للمملكة.
أهمية المنتدى وتأثيره المتوقع
يُنظم المنتدى بالتعاون بين وزارة الثقافة وهيئة التراث والمعهد الملكي للفنون التقليدية “وِرث”، ويستهدف تحقيق عدة أهداف استراتيجية. على المستوى المحلي، يسعى المنتدى إلى تمكين الحرفيين السعوديين اقتصادياً من خلال فتح قنوات تسويقية جديدة وربطهم بالأسواق العالمية، بالإضافة إلى تعزيز السياحة الثقافية في مناطق مثل الجوف، الغنية بآثارها وتراثها. أما على الصعيدين الإقليمي والدولي، فيعمل المنتدى على ترسيخ مكانة المملكة كمركز عالمي رائد في الفنون التقليدية، وجذب الخبراء والباحثين والمستثمرين، وتعزيز الحوار الثقافي بين الحضارات المختلفة من خلال لغة الفن والإبداع المشتركة.
فعاليات متنوعة لتبادل الخبرات والابتكار
يجمع المنتدى نخبة من المتخصصين والباحثين والحرفيين من داخل المملكة وخارجها، ليكون منصة دولية متكاملة لمناقشة القضايا المعاصرة المرتبطة بالقطاع. ويتضمن برنامجه جلسات علمية تستعرض أحدث التوجهات في تطوير الحرف التقليدية ودمجها مع التصاميم العصرية، إلى جانب معرض للملصقات العلمية يعرض أبرز البحوث المختصة. كما يُقام معرض خاص بالحرفيين لعرض منتجاتهم وإبداعاتهم، ومعرض مصاحب تشارك فيه جهات حكومية وخاصة، بالإضافة إلى ورش عمل تدريبية متخصصة تهدف إلى صقل مهارات المشاركين ونقل الخبرات العالمية إليهم، ودعم الابتكار في الصناعات التقليدية.
ويأتي تنظيم هذا المنتدى الدولي في إطار الجهود الحثيثة التي تبذلها وزارة الثقافة وهيئة التراث لتعزيز استدامة قطاع الحرف اليدوية، وصون الموروث الثقافي، وترسيخ الهوية السعودية، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد الوطني وإثراء جودة حياة المواطنين والمقيمين.
