في ضربة جديدة للممارسات البيئية الجائرة، وضمن الجهود الحثيثة لحماية المقدرات الوطنية، تمكنت الفرق الرقابية التابعة لمكتب وزارة البيئة والمياه والزراعة بمحافظة رابغ، بالتنسيق الميداني المحكم مع قيادة حرس الحدود، من ضبط عدد من المخالفين لنظام صيد الأسماك واستثمار وحماية الثروات المائية الحية.
وتأتي هذه العملية في وقت تكثف فيه المملكة العربية السعودية جهودها لفرض سيادة القانون البيئي على سواحلها الممتدة، لضمان استدامة الموارد للأجيال القادمة.
تفاصيل العملية الأمنية في “نقطة الخرار”
كشفت التقارير الرسمية أن العملية النوعية نُفذت في مركز “نقطة الخرار”، حيث نجحت فرق الرصد والمتابعة في الإطاحة بمجموعة من الوافدين من الجنسية الميانمارية. وقد ضُبط بحوزة المخالفين معدات صيد محظورة دولياً ومحلياً كانوا بصدد استخدامها في المياه الإقليمية، مما يمثل تعدياً صارخاً على اللوائح التنظيمية التي وضعتها الوزارة لتنظيم قطاع الصيد.
وأسفرت عمليات التفتيش الدقيقة عن مصادرة ستة شباك صيد من نوع “أشورة” المصنوعة من النايلون. وتم التحفظ على المضبوطات وتحرير محاضر الضبط اللازمة تمهيداً لتطبيق العقوبات النظامية بحق المخالفين، ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه العبث بالبيئة البحرية.
شباك “الأشورة”.. خطر يهدد الحياة الفطرية
تُصنف شباك النايلون المعروفة محلياً بـ”الأشورة” ضمن أخطر أدوات الصيد الجائر، ولهذا السبب تحظرها المملكة والمنظمات الدولية المعنية بالبيئة. وتكمن خطورة هذه الشباك في كونها غير قابلة للتحلل البيئي السريع، مما يجعلها فخاخاً مستمرة للموت حتى في حال فقدانها في البحر، وهو ما يعرف بظاهرة “الصيد الشبحي”.
علاوة على ذلك، تتسبب هذه الشباك في دمار واسع للشعاب المرجانية التي تحتاج لعقود للنمو، وتعمل كوسيلة صيد غير انتقائية تقضي على الأسماك الصغيرة والأحياء البحرية غير المستهدفة كالسلاحف والدلافين، مما يؤدي إلى استنزاف المخزون السمكي وقطع دورة التكاثر الطبيعية، مهدداً بذلك الأمن الغذائي البحري على المدى الطويل.
الاستدامة البيئية ورؤية المملكة 2030
لا تنفصل هذه الجهود الرقابية في رابغ عن السياق العام للتوجهات الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية. ففي ظل رؤية 2030 ومبادرة “السعودية الخضراء”، تولي الدولة اهتماماً بالغاً بحماية البيئة البحرية في البحر الأحمر، الذي يُعد أحد أهم الكنوز الطبيعية في العالم لما يحتويه من تنوع بيولوجي فريد وشعاب مرجانية مقاومة للتغير المناخي.
ويعد الحفاظ على نظافة وسلامة البيئة البحرية ركيزة أساسية لدعم مشاريع السياحة البيئية الكبرى التي تطلقها المملكة على ساحل البحر الأحمر، بالإضافة إلى أهميتها الاقتصادية في دعم قطاع الثروة السمكية كرافد للاقتصاد الوطني غير النفطي.
دعوة للالتزام وتغليظ العقوبات
وتعليقاً على الحادثة، شدد نائب مدير مكتب الوزارة بمحافظة رابغ، الأستاذ حسام بن حمدان الجريب، على أن هذه العملية هي نتاج التنسيق الأمني والرقابي العالي بين قطاعات الدولة. وأكد الجريب استمرار الفرق الرقابية في تمشيط السواحل على مدار الساعة لرصد أي تجاوزات.
وجددت وزارة البيئة والمياه والزراعة تحذيراتها لكافة الصيادين والهواة بضرورة الالتزام التام بالأنظمة واللوائح، واستخدام أدوات الصيد المسموح بها فقط. وأكدت الوزارة أن العقوبات النظامية ستطال كل من يستخدم وسائل الصيد الجائر، وذلك حفاظاً على هذه الثروة الوطنية المستدامة.