في فاجعة هزت هونج كونج، أعلن قائد جهاز الأمن، كريس تانغ، اليوم الجمعة، عن ارتفاع حصيلة ضحايا الحريق الهائل الذي اندلع في مجمع سكني يوم الأربعاء إلى 128 قتيلاً، بينما لا تزال فرق الإنقاذ تبحث عن عشرات المفقودين بين الأنقاض. وتعتبر هذه الكارثة أسوأ حريق تشهده المدينة المكتظة بالسكان منذ عقود، مما أعاد إلى الأذهان تساؤلات ملحة حول معايير السلامة في المباني القديمة.
من جانبه، كشف رئيس جهاز الإطفاء، آندي يونغ، في تصريح للصحافيين عن تفاصيل مقلقة، حيث أكد أن التحقيقات الأولية أظهرت أن أنظمة إنذار الحريق في المباني الثمانية التي تأثرت بالكارثة لم تكن تعمل بشكل صحيح. وأضاف: “أرسلنا فريقًا من الخبراء فور ورود إفادات متعددة تفيد بعدم انطلاق أي إنذار، وقد تبين لنا وجود خلل جسيم في أنظمة السلامة، وهو ما قد يكون قد ساهم في تفاقم الكارثة وتأخير عمليات إخلاء السكان”.
خلفية الكارثة: قنابل موقوتة في قلب المركز المالي
تأتي هذه المأساة لتسلط الضوء على واقع عمراني معقد في هونج كونج، التي تعد واحدة من أكثر مدن العالم كثافة سكانية. تنتشر في أحيائها القديمة آلاف المباني السكنية التي بنيت منذ عشرات السنين، والتي يفتقر الكثير منها إلى الصيانة الدورية وتحديث أنظمة السلامة لتتوافق مع المعايير الحديثة. غالبًا ما تكون هذه المباني مقسمة إلى وحدات سكنية صغيرة ومكتظة، مما يزيد من سرعة انتشار الحرائق ويجعل عمليات الإخلاء والإنقاذ بالغة الصعوبة. وتذكر هذه الحادثة بحرائق سابقة، مثل حريق مبنى “جارلي” التجاري في عام 1996 الذي أودى بحياة 41 شخصًا، ودفع السلطات حينها إلى مراجعة قوانين السلامة، إلا أن التطبيق في المباني السكنية القديمة لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا.
التأثير المحلي والدولي: دعوات للمحاسبة ومراجعة شاملة
على الصعيد المحلي، أثارت الفاجعة موجة من الحزن والغضب الشعبي، مع تصاعد الدعوات لمحاسبة المسؤولين عن الإهمال وإجراء مراجعة شاملة وفورية لمعايير السلامة في جميع المباني القديمة في المدينة. وقد تعهدت حكومة هونج كونج بفتح تحقيق شامل وشفاف لتحديد أسباب الحادث ومحاسبة المقصرين، بالإضافة إلى تقديم الدعم الكامل لأسر الضحايا والمتضررين. أما على الصعيد الدولي، فإن هذه الكارثة تضع سمعة هونج كونج كمركز مالي عالمي متطور على المحك، وتثير تساؤلات حول مدى قدرة المدن الكبرى ذات الكثافة السكانية العالية على ضمان سلامة جميع سكانها، خاصة في ظل وجود بنية تحتية متقادمة. من المتوقع أن تضغط المنظمات الحقوقية والدولية من أجل تبني معايير أكثر صرامة لحماية الأرواح في البيئات الحضرية المماثلة حول العالم.