في تطور مأساوي للأحداث التي هزت الرأي العام المحلي والدولي، ارتفعت حصيلة ضحايا الحريق المدمر الذي اندلع في مجمع سكني مكتظ في هونج كونج يوم الأربعاء الماضي لتصل إلى 159 قتيلًا، بينما لا يزال القلق يخيم على مصير نحو 30 شخصًا آخرين ما زالوا في عداد المفقودين. وتأتي هذه الأرقام المفزعة بعد أن أتمت فرق الإنقاذ والبحث عملياتها المعقدة داخل الأبراج السكنية السبعة التي أتى عليها الحريق.
وفي سياق التحقيقات الجارية لكشف ملابسات الكارثة، أعلنت السلطات الأمنية في هونج كونج عن اعتقال 6 أشخاص للاشتباه في تورطهم بالإهمال الذي أدى إلى تفاقم الخسائر البشرية. وتشير التحقيقات الأولية إلى أن المشتبه بهم قاموا بفصل وتعطيل بعض أجهزة إنذار الحرائق الحيوية أثناء إجراء عمليات صيانة للمجمع، مما أخر اكتشاف الحريق وأعاق عمليات الإخلاء المبكر للسكان، وهو ما ساهم بشكل مباشر في ارتفاع عدد الضحايا.
تفاصيل الكارثة وجهود المكافحة
استمرت النيران في التهام المبنى لمدة قاربت 40 ساعة، حيث واجه رجال الإطفاء تحديات هائلة للسيطرة على اللهب في ظل الكثافة السكانية العالية وتصميم المبنى القديم. وقد صرحت الشرطة بأنها استكملت مسح كافة الوحدات السكنية في الأبراج المتضررة، مؤكدة أن حجم الدمار كان هائلاً.
ويعود تاريخ بناء المجمع السكني المنكوب إلى عام 1983، وقد تم إنشاؤه ضمن برنامج الإسكان المدعوم حكوميًا. ويضم المجمع نحو 2000 شقة سكنية يقطنها أكثر من 4600 شخص، مما يعكس أزمة الكثافة السكانية التي تعاني منها هونج كونج، حيث يضطر الآلاف للعيش في مجمعات قديمة قد تفتقر أحيانًا لأحدث معايير السلامة العالمية، وهو ما يفتح الباب لنقاشات واسعة حول ضرورة تحديث البنية التحتية لأنظمة السلامة في المباني القديمة.
تحرك حكومي وصندوق إغاثة
وفي رد فعل رسمي لاحتواء الأزمة، أعلن جون لي، الرئيس التنفيذي لهونج كونج، عن تشكيل لجنة تحقيق مستقلة برئاسة قاضٍ للوقوف على الأسباب الحقيقية للحريق وتقديم توصيات ملزمة لمنع تكرار مثل هذه المآسي مستقبلاً. كما أعلن عن تخصيص صندوق إغاثة عاجل بقيمة 300 مليون دولار هونج كونج لمساعدة المتضررين وعائلات الضحايا، مشيرًا إلى تلقي تبرعات إضافية من شركات كبرى تضامنًا مع الحدث.
تُعد هذه الحادثة واحدة من أسوأ الكوارث التي شهدتها هونج كونج في تاريخها الحديث، وتعيد إلى الأذهان حوادث مماثلة دفعت السلطات سابقًا لمراجعة قوانين البناء والسلامة. ومن المتوقع أن تؤدي نتائج التحقيق إلى تغييرات جذرية في بروتوكولات الصيانة والسلامة في المجمعات السكنية الشاهقة في المدينة.
