في خطوة تنظيمية هامة تهدف إلى تعزيز الحماية الصحية للعاملين في القطاع الخاص، كشف مجلس الضمان الصحي عن توجهات جديدة عبر منصة «استطلاع»، تضع حداً للثغرات التي قد تواجه الموظفين وأسرهم في الحصول على الرعاية الطبية. وتأتي هذه التحركات ضمن إطار شامل يسعى لإلزام أصحاب العمل بتوفير تغطية تأمينية فورية وشاملة، مع تحميلهم المسؤولية المالية المباشرة عن أي نفقات علاجية تنشأ قبل إصدار وثيقة التأمين الرسمية.
سياق التحول الصحي وحماية الحقوق
تأتي هذه التعديلات المقترحة في وقت تشهد فيه المملكة العربية السعودية تحولاً كبيراً في القطاع الصحي، يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030 التي تركز على جودة الحياة وتسهيل الوصول للخدمات الصحية. ويعد مجلس الضمان الصحي الجهة التشريعية والرقابية المسؤولة عن ضمان تطبيق الأنظمة التي تحفظ حقوق جميع أطراف العلاقة التأمينية (مقدم الخدمة، شركة التأمين، صاحب العمل، والمستفيد). وتكتسب هذه الخطوة أهمية قصوى كونها تعالج إحدى أبرز الإشكاليات الإدارية التي كانت تؤدي سابقاً إلى حرمان الموظف من العلاج خلال الفترات الانتقالية أو فترات الانتظار الإداري.
إغلاق فجوة «فترة الانتظار»
وضعت المسودة الجديدة حلاً جذرياً وحاسماً لمشكلة ما يعرف بـ «فترة الانتظار» أو الفجوة الزمنية بين استحقاق العمل وصدور الوثيقة. حيث نصت الضوابط بوضوح على:
- إلزام صاحب العمل بتحمل كافة تكاليف العلاج (التي تغطيها الوثيقة عادة) في حال احتاج المستفيد للرعاية الطبية خلال الفترة الفاصلة بين تاريخ استحقاقه وتاريخ الإصدار الفعلي للوثيقة.
- حماية الموظفين من المخاطر الصحية والمالية الناتجة عن أي تأخير إداري من قبل المنشأة.
- ضمان عدم وجود أي يوم عمل واحد بدون غطاء مالي صحي للموظف أو أفراد أسرته المستحقين.
تحديد دقيق لمواعيد سريان التغطية
منعاً للاجتهادات أو التلاعب في تواريخ بدء التأمين، حددت التنظيمات الجديدة نقاطاً زمنية قاطعة لبدء التغطية:
- للمواطنين السعوديين: تبدأ التغطية من تاريخ مباشرة العمل.
- للمقيمين: تبدأ التغطية من لحظة دخول المملكة العربية السعودية.
- للمواليد الجدد: تبدأ التغطية فور الولادة، لضمان الرعاية الحثيثة للأم والطفل.
الشفافية والمسؤولية القانونية
لم تكتفِ السياسة الجديدة بالجانب المالي، بل ركزت على الجانب التوعوي والقانوني. حيث ألزمت المنشآت بشرح تفاصيل الوثيقة وحدود المنافع للموظفين بوضوح تام، مع ضرورة تحديث بياناتهم في نظام مركز المعلومات الوطني لضمان سريان حقوقهم آلياً. كما حظرت اللوائح التعامل مع جهات غير مرخصة لإصدار وثائق وهمية، محملة صاحب العمل المسؤولية القانونية والمالية الكاملة عن أي أضرار تلحق بالمستفيدين جراء ذلك، مع منح المجلس صلاحيات واسعة للتدخل وضبط المخالفات.
العقوبات والغرامات المالية
لضمان الالتزام، شملت الإجراءات الرادعة فرض غرامات مالية على أصحاب العمل المتخلفين عن السداد أو التجديد. وتنص اللوائح على أن الغرامة لا تتجاوز قيمة الاشتراك السنوي للفرد، ويتم احتسابها بناءً على متوسط أسعار السوق أو سعر وثيقة المنشأة، مع إلزام صاحب العمل بدفع الأقساط المتأخرة بأثر رجعي. ورغم الصرامة، منح النظام مرونة لأصحاب العمل في تغيير شركة التأمين بشرط الإخطار المسبق بمدة ثلاثين يوماً، وكفل لهم حق الاعتراض على العقوبات أمام اللجان المختصة.