استقرار البنوك الخليجية 2026: عوامل القوة وتحديات المستقبل

تقرير يتوقع استقرارًا ماليًا للبنوك الخليجية في 2026 مدعومًا بالربحية وجودة الأصول والرسملة، مع التحذير من المخاطر الجيوسياسية وأسعار النفط.
نوفمبر 27, 2025
11 mins read
استقرار البنوك الخليجية 2026: عوامل القوة وتحديات المستقبل

نظرة متفائلة للقطاع المصرفي الخليجي بحلول عام 2026

كشف تقرير حديث صادر عن وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتماني عن توقعات إيجابية تشير إلى أن الأوضاع المالية للبنوك الخليجية ستظل مستقرة بشكل عام خلال عام 2026. ويستند هذا الاستقرار المتوقع إلى ثلاث ركائز أساسية تتمثل في الربحية القوية، وجودة الأصول الداعمة، والرسملة المتينة التي يتمتع بها القطاع المصرفي في المنطقة. ومع ذلك، لم يغفل التقرير الإشارة إلى وجود خطرين رئيسيين قد يؤثران على هذا المشهد المستقر، وهما التطورات الجيوسياسية السلبية، والانخفاض الحاد والمستمر في أسعار النفط.

السياق التاريخي والتحولات الاقتصادية

يأتي هذا التقرير في سياق مرحلة تحول اقتصادي عميقة تشهدها دول مجلس التعاون الخليجي. فعلى مدى العقود الماضية، أثبت القطاع المصرفي الخليجي مرونة ملحوظة في مواجهة الأزمات المالية العالمية، مثل الأزمة المالية لعام 2008 وتقلبات أسعار النفط في 2014، مدعومًا بسياسات نقدية حكيمة ودعم حكومي قوي. واليوم، تلعب هذه البنوك دورًا محوريًا في تمويل خطط التنويع الاقتصادي الطموحة، مثل رؤية المملكة 2030، والتي تهدف إلى تقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية وتعزيز القطاعات غير النفطية. هذا التوجه الاستراتيجي لا يغير فقط من طبيعة الاقتصادات الخليجية، بل يعيد تشكيل محافظ الإقراض لدى البنوك، موجهًا إياها نحو مشاريع البنية التحتية، والسياحة، والتقنية، والطاقة المتجددة.

ركائز الاستقرار المالي للبنوك الخليجية

1. نمو الإقراض والربحية المستدامة

يتوقع التقرير أن يستمر نمو الإقراض في المنطقة، مدفوعًا بشكل أساسي بالنشاط الاقتصادي غير النفطي. ففي المملكة العربية السعودية، ستظل المشاريع المرتبطة برؤية 2030 المحرك الرئيسي لإقراض الشركات. أما في الإمارات العربية المتحدة، فسيستمر قطاع إقراض الأفراد في التوسع بفضل النمو السكاني والمناخ الاستهلاكي الإيجابي. ورغم أن خفض أسعار الفائدة المتوقع، تماشيًا مع قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، قد يؤدي إلى انخفاض طفيف في هوامش الربحية، إلا أن زيادة حجم الإقراض ستعوض هذا الأثر جزئيًا، مما يضمن استقرارًا كبيرًا في أداء البنوك المالي.

2. جودة الأصول ومؤشرات المخاطر

تتمتع البنوك الخليجية حاليًا بمؤشرات قوية لجودة الأصول، حيث انخفضت نسبة القروض المتعثرة إلى مستويات متدنية (حوالي 2.7%) مع ارتفاع نسبة تغطية المخصصات المالية (تجاوزت 155%). ويعكس هذا الوضع تحسن البيئة الاقتصادية ومعايير الإقراض الحذرة التي تتبعها البنوك. ومع ذلك، يشير التقرير إلى أن جزءًا كبيرًا من القروض الجديدة التي تم منحها خلال السنوات الخمس الماضية لم يتم اختبارها بعد خلال دورة اقتصادية كاملة، مما يمثل خطرًا كامنًا في حال حدوث تباطؤ اقتصادي حاد. لكن البنوك تمتلك سيولة ومخصصات كافية لاستيعاب أي صدمات محتملة.

3. الرسملة القوية كخط دفاع أول

تواصل البنوك الخليجية تسجيل مستويات رسملة قوية وفقًا للمعايير الدولية، حيث بلغ متوسط نسبة رأس المال من الشريحة الأولى حوالي 17%، وهو ما يوفر وسادة أمان قوية لمواجهة أي خسائر غير متوقعة. هذه القاعدة الرأسمالية المتينة تعزز ثقة المستثمرين والجهات التنظيمية، وتؤكد قدرة القطاع على دعم النمو الاقتصادي المستدام في المنطقة.

التحديات والمخاطر المحتملة

على الرغم من النظرة المستقبلية المستقرة لـ 90% من تصنيفات البنوك الخليجية، حدد التقرير خطرين أساسيين: الأول هو تصاعد التوترات الجيوسياسية في المنطقة إلى مستوى يؤثر على النشاط الاقتصادي وثقة المستثمرين. أما الخطر الثاني فيتمثل في انخفاض كبير في أسعار النفط نتيجة لضعف الاقتصاد العالمي، مما قد يدفع الحكومات الإقليمية إلى خفض الإنفاق العام ويؤثر سلبًا على أداء القطاع المصرفي.

الأهمية الإقليمية والدولية

إن استقرار القطاع المصرفي الخليجي لا يقتصر تأثيره على المستوى المحلي فقط، بل يمتد إقليميًا ودوليًا. فعلى الصعيد الإقليمي، تعتبر هذه البنوك العمود الفقري للتمويل والاستثمار في منطقة الشرق الأوسط. وعلى الصعيد الدولي، يعزز استقرارها ثقة الأسواق العالمية في اقتصادات الخليج، ويسهل وصولها إلى أسواق الدين الدولية لتمويل مشاريعها التنموية الكبرى، مما يرسخ مكانة المنطقة كمركز مالي عالمي مؤثر.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.

ترامب: منفذ هجوم واشنطن أفغاني دخل في عهد بايدن
Previous Story

ترامب: منفذ هجوم واشنطن أفغاني دخل في عهد بايدن

الكابلات السعودية تعيّن 3 أعضاء جدد بمجلس إدارتها
Next Story

الكابلات السعودية تعيّن 3 أعضاء جدد بمجلس إدارتها

Latest from الاقتصاد

أذهب إلىالأعلى