دعوة من قلب العالم الإسلامي لتقوى الله والإحسان
في خطبة جامعة من رحاب المسجد الحرام بمكة المكرمة، وجه إمام وخطيب المسجد الحرام، فضيلة الشيخ الدكتور أسامة بن عبد الله خياط، نداءً إيمانيًا للمسلمين في شتى بقاع الأرض، مؤكدًا على أهمية تقوى الله عز وجل كمنهج حياة، وداعيًا إلى التمسك بقيمة “الإحسان” وقضاء حوائج الآخرين كأساس لتحقيق الأخوة الإيمانية الصادقة. واستهل فضيلته خطبته بتذكير المصلين بالغاية الأسمى من وجودهم، قائلًا: “اتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت، واحذروا أسباب سخط الله تكن لكم العاقبة في الدنيا والآخرة”. وأوضح أن السير على نهج السلف الصالح من الأنبياء والصالحين هو السبيل الأمثل لنيل رضوان الله تعالى والوصول إلى أسمى مراتب القرب منه.
الإحسان: مفهوم أعمق من العطاء
أبان الشيخ خياط أن من أبرز صفات عباد الله المصطفين هو حرصهم الشديد على تطبيق مبدأ الإحسان في كل جوانب حياتهم. والإحسان، كما ورد في تعاليم الإسلام، لا يقتصر على العبادات فحسب، بل يمتد ليشمل المعاملات مع الخلق كافة. إنه يعني إتقان العمل، وتقديم الخير للآخرين دون انتظار مقابل، والسعي في مصالحهم، وتفريج كروبهم. وشدد فضيلته على أن كف الأذى عن الناس هو جزء لا يتجزأ من الإحسان؛ فالمؤمن الحق هو من يسلم الناس من لسانه ويده، محذرًا من كافة أشكال الإيذاء، سواء كان بالقول أو بالفعل، وخص بالذكر خطورة وبهتان القول الذي يجمع بين إثم اللسان وتدوين اليد.
مكانة خطبة الجمعة من المسجد الحرام
تكتسب خطبة الجمعة من المسجد الحرام أهمية خاصة تتجاوز حدود المكان، فهي ليست مجرد خطبة محلية، بل رسالة أسبوعية موجهة إلى الأمة الإسلامية جمعاء. فعلى مر التاريخ، كان منبر الحرم المكي الشريف منارة هداية وإرشاد، ومنه تنطلق التوجيهات الدينية والاجتماعية التي يسترشد بها ملايين المسلمين حول العالم عبر البث المباشر ووسائل الإعلام المختلفة. وتأتي هذه الخطبة لتعزز دور المملكة العربية السعودية الريادي في خدمة الإسلام والمسلمين، ونشر رسالة الوسطية والاعتدال والتراحم التي يمثلها الدين الإسلامي الحنيف.
تأثير الدعوة إلى التكافل الاجتماعي على الأمة
إن التركيز على قضاء حوائج المسلمين وتفريج كرباتهم يحمل في طياته أبعادًا اجتماعية وإنسانية عميقة. فعلى الصعيد المحلي، تسهم مثل هذه الدعوات في تقوية النسيج الاجتماعي، ونشر ثقافة التكافل والتعاون بين أفراد المجتمع. أما على الصعيدين الإقليمي والدولي، فإنها تمثل تذكيرًا حيًا بمسؤولية المسلمين تجاه إخوانهم الذين يعانون من الأزمات والحروب والكوارث في مختلف أنحاء العالم. واستشهد الشيخ خياط بالحديث النبوي الشريف: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا في الدنيا ستره الله يوم القيامة”، وهو حديث يؤسس لمجتمع متراحم ومتضامن، تسوده المحبة والإيثار.