شهدت أسواق المعادن الثمينة، اليوم الأربعاء، حالة من التباين الملحوظ، حيث استقرت أسعار الذهب في نطاقات ضيقة، بينما تراجعت الفضة عن مستويات قياسية كانت قد سجلتها في وقت سابق. ويأتي هذا الأداء في وقت يحبس فيه المستثمرون أنفاسهم انتظاراً لصدور حزمة من المؤشرات الاقتصادية الأمريكية الحاسمة، والتي من شأنها رسم ملامح السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي خلال الفترة المقبلة.
وفي التفاصيل، انخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة طفيفة بلغت 0.1% ليتم تداوله عند 4,203.58 دولار للأوقية بحلول الساعة 11:28 بتوقيت جرينتش. وعلى النقيض من ذلك، أظهرت العقود الآجلة للذهب الأمريكي (تسليم شهر فبراير) تماسكاً أكبر، حيث ارتفعت بنسبة 0.3% لتصل إلى مستوى 4,234.60 دولار. يعكس هذا التباين حالة الحذر التي تسيطر على المتداولين الذين يفضلون عدم بناء مراكز كبيرة قبل اتضاح الرؤية بشأن أسعار الفائدة.
وعلى صعيد المعادن الأخرى، سجلت الفضة تراجعاً بنسبة 0.5% لتستقر عند 58.15 دولار للأوقية، وذلك بعد أن لامست ذروة تاريخية غير مسبوقة عند 58.94 دولار. كما ارتفع البلاتين بنسبة 0.6% ليصل إلى 1647.75 دولار للأوقية، في حين انخفض البلاديوم بنسبة 0.5% مسجلاً 1455.34 دولار. وتعتبر هذه التحركات جزءاً من الطبيعة المتقلبة لأسواق السلع في ظل المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية.
ومن الناحية الاقتصادية والتحليلية، يرتبط أداء الذهب ارتباطاً وثيقاً بقرارات أسعار الفائدة الأمريكية. تاريخياً، يُعتبر الذهب أداة تحوط ضد التضخم وملاذاً آمناً في أوقات عدم اليقين، إلا أن ارتفاع أسعار الفائدة يزيد من “تكلفة الفرصة البديلة” لحيازة المعدن الأصفر الذي لا يدر عائداً دورياً، مما يضغط عادة على أسعاره. والعكس صحيح، حيث تؤدي توقعات خفض الفائدة إلى دعم أسعار الذهب وتقليل جاذبية الدولار والسندات.
وتشير بيانات الأسواق الحالية إلى أن التوقعات تميل بقوة نحو تيسير السياسة النقدية، حيث تظهر العقود الآجلة لأسعار الفائدة الأمريكية احتمالية بنسبة 89% لخفض أسعار الفائدة في الاجتماع المرتقب الأسبوع المقبل، وهي نسبة ارتفعت من 85% قبل أسبوع واحد فقط. هذا التحول في التوقعات يعزز من جاذبية المعادن الثمينة كأصول استثمارية، خاصة في ظل المخاوف المستمرة بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، مما يدفع المستثمرين للبحث عن أصول آمنة للحفاظ على قيمة ثرواتهم.