شهدت أسعار الذهب تراجعاً طفيفاً خلال تعاملات اليوم الخميس، حيث اتجه المستثمرون نحو عمليات جني الأرباح بعد المكاسب الأخيرة، مفضلين تبني موقف حذر قبل أسبوع حاسم للأسواق العالمية. ويأتي هذا التراجع في وقت تترقب فيه الأوساط الاقتصادية اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) المقرر عقده الأسبوع المقبل، بالإضافة إلى انتظار بيانات اقتصادية هامة قد ترسم ملامح السياسة النقدية للفترة القادمة.
تفاصيل حركة الأسعار في الأسواق العالمية
وفقاً لأحدث البيانات، انخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.2%، ليتم تداوله عند مستوى 4,196.96 دولار للأوقية بحلول الساعة 04:46 بتوقيت جرينتش. ولم تكن العقود الآجلة للذهب الأمريكي (تسليم شهر ديسمبر) بمنأى عن هذا التراجع، حيث سجلت انخفاضاً مماثلاً بنسبة 0.2% لتستقر عند 4,225.90 دولار للأوقية.
وفي سياق متصل بحركة المعادن النفيسة الأخرى، تراجعت أسعار الفضة بنسبة 0.4% لتصل إلى 58.26 دولار للأوقية، وذلك بعد أن سجلت مستوى قياسياً مرتفعاً يوم الأربعاء عند 58.98 دولار. كما طال التراجع معدن البلاتين الذي انخفض بنسبة 0.9% مسجلاً 1656.15 دولار للأوقية، وهبط البلاديوم بنسبة 1.3% ليصل إلى 1441.75 دولار للأوقية.
السياق الاقتصادي وتأثير السياسة النقدية
يعتبر الذهب من الأصول التي تتأثر بشكل مباشر وحساس بقرارات أسعار الفائدة الأمريكية. تاريخياً، توجد علاقة عكسية بين المعدن الأصفر وأسعار الفائدة؛ حيث يؤدي ارتفاع الفائدة إلى زيادة تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب الذي لا يدر عائداً دورياً (مثل السندات أو الودائع)، مما يقلل من جاذبيته للمستثمرين. وعلى العكس، فإن خفض الفائدة يعزز من جاذبية الذهب كملاذ آمن ومخزن للقيمة.
ويفسر المحللون عمليات “جني الأرباح” الحالية بأنها سلوك طبيعي في الأسواق المالية، حيث يقوم المتداولون ببيع جزء من أصولهم لتحويل المكاسب الورقية إلى سيولة نقدية، خاصة عند الوصول إلى مستويات سعرية مرتفعة أو قبل أحداث اقتصادية كبرى قد تسبب تقلبات في السوق.
ترقب بيانات التضخم وقرار الفائدة
تتجه أنظار المستثمرين حالياً صوب بيانات مؤشر إنفاق الاستهلاك الشخصي (PCE) لشهر سبتمبر، والمقرر صدوره يوم الجمعة. يكتسب هذا المؤشر أهمية قصوى كونه المقياس المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي لقياس معدلات التضخم. ستكون هذه البيانات بمثابة البوصلة التي قد تؤكد أو تنفي توقعات السوق بشأن مسار الفائدة.
وتشير تقديرات الأسواق الحالية إلى احتمالية كبيرة تصل إلى 89% بأن يقوم الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في اجتماعه الأسبوع المقبل. كما تمتد التوقعات الإيجابية لتشمل اجتماعات نهاية العام، حيث ترجح شركات الوساطة الكبرى استمرار سياسة التخفيف النقدي في الاجتماع المقرر عقده يومي 9 و10 ديسمبر، مما قد يعطي دفعة جديدة لأسعار المعادن الثمينة على المدى المتوسط.