وسط أجواء احتفالية تعكس روح التسامح والتعايش، شهدت أجنحة الثقافة الفلبينية المشاركة في النسخة الثانية من مبادرة “انسجام عالمي” إقبالاً جماهيرياً لافتاً. المبادرة التي تنظمها وزارة الإعلام بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه وبرنامج “جودة الحياة”، حولت حديقة السويدي في العاصمة الرياض إلى نافذة ثقافية تطل على أرخبيل الفلبين الغني بتراثه وفنونه.
رحلة في عمق التراث الفلبيني
تضمنت الفعاليات 8 أجنحة متخصصة قدمت للزوار تجربة غامرة، تنوعت بين استعراض طرق حياكة الأزياء التقليدية التي تشتهر بها الفلبين، وفنون تشكيل الأصداف البحرية، وصناعة الحُلي والزينة. وقد أتاح هذا التنوع للزوار فرصة نادرة للتفاعل المباشر مع الحرفيين المهرة، ومشاهدة كيفية تحويل المواد الخام الطبيعية إلى تحف فنية تنبض بالحياة.
وتتميز الحرف اليدوية الفلبينية بكونها مرآة تعكس الطبيعة الجغرافية للبلاد، حيث يتم توظيف خامات مثل الخيزران (البامبو)، وألياف الأباكا (قنب مانيلا)، والأصداف المستخرجة من المحيط الهادئ، لإنتاج مشغولات تجمع بين المتانة والجمال، وهو ما يعكس ثراء المجتمعات المحلية وقدرتها على تطويع الطبيعة لخدمة الفن.
سياق حضاري ورؤية مستقبلية
تأتي هذه الفعاليات في سياق أوسع يتجاوز مجرد العرض الترفيهي؛ إذ تندرج مبادرة “انسجام عالمي” ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030، وتحديداً برنامج “جودة الحياة”. وتهدف هذه الجهود إلى تعزيز مفاهيم التعايش الإنساني، وإبراز التنوع الثقافي الذي تحتضنه المملكة، التي يعيش على أرضها ملايين المقيمين من مختلف الجنسيات في نسيج مجتمعي متناغم.
وتكتسب استضافة الثقافة الفلبينية أهمية خاصة نظراً للعلاقات التاريخية والإنسانية الممتدة بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الفلبين، ولوجود جالية فلبينية كبيرة تساهم بفاعلية في التنمية المحلية. وتعد هذه الفعاليات بمثابة جسر للتواصل الحضاري، يتيح للمقيمين الشعور بالاحتفاء بهويتهم، وللمواطنين والزوار فرصة استكشاف عادات وتقاليد الشعوب الأخرى عن كثب.
تأثير ثقافي واجتماعي ملموس
على الصعيد الاجتماعي، تسهم هذه المبادرات في تعزيز الروابط الإنسانية وكسر الحواجز الثقافية. وقد تجلى ذلك في التفاعل الكبير مع العروض الموسيقية والرقصات الشعبية الفلبينية التي قدمها فنانون ومؤثرون، حيث شارك الزوار من مختلف الجنسيات في هذه الأجواء، مما يعزز مكانة الرياض كوجهة عالمية حاضنة للتنوع.
يُذكر أن مبادرة “انسجام عالمي 2” قد نجحت حتى الآن في تسليط الضوء على 11 ثقافة عالمية متنوعة، وتستعد لاستكمال رحلتها بالاحتفاء بثلاث ثقافات أخرى، مؤكدة بذلك رسالة المملكة في الانفتاح على العالم وتقدير الإرث الإنساني المشترك.