في خطوة تعكس مرونة ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، أكد وزير الاقتصاد الفرنسي، رولان ليسكور، أن المؤشرات الحالية ترجح تحقيق بلاده لمعدل نمو اقتصادي لا يقل عن 0.8% خلال العام الجاري. ويأتي هذا التصريح ليتجاوز التوقعات الرسمية السابقة للحكومة الفرنسية، والتي كانت قد حددت سقف النمو المتوقع عند نسبة 0.7%، مما يبعث برسائل طمأنة للأسواق والمستثمرين في ظل بيئة اقتصادية عالمية تتسم بالتقلب.
أسباب تحسن التوقعات الاقتصادية
أوضح ليسكور في تصريحات صحفية حديثة أن هذا التفاؤل مبني على بيانات واقعية، قائلاً: "أعتقد أننا سنصل إلى 0.8 بالمئة على الأقل". وأرجع الوزير هذا التحسن الملحوظ إلى النتائج "الجيدة جداً" التي تم تسجيلها خلال الربع الثالث من العام، مدفوعة بشكل رئيسي بالأداء القوي للشركات الفرنسية. وقد لعب قطاعا التصدير والاستثمار دوراً محورياً في دفع عجلة النمو، حيث استطاعت المنتجات الفرنسية الحفاظ على تنافسيتها في الأسواق العالمية، بالتوازي مع استمرار تدفق رؤوس الأموال لتعزيز البنية الإنتاجية.
السياق السياسي وتحديات الموازنة العامة
على الرغم من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية، شدد الوزير على ضرورة الإسراع في إقرار الموازنة العامة لتجنب إطالة أمد حالة "عدم اليقين" التي قد تضر بخطط الأسر والشركات على حد سواء. وتواجه الحكومة الفرنسية تحديات سياسية وبرلمانية معقدة منذ أسابيع في سعيها لتمرير مشروع موازنة عام 2026. وتكتسب هذه الموازنة أهمية قصوى لضمان الاستقرار المالي، خاصة في ظل الضغوط التي تفرضها المعارضة داخل الجمعية الوطنية.
وفي سياق متصل بالأحداث السياسية المؤثرة، شهدت الجمعية الوطنية الفرنسية تطورات لافتة بعد إقرار قسم الإيرادات من مشروع قانون ميزانية الضمان الاجتماعي لعام 2026 يوم الجمعة الماضي؛ إذ أعادت الجمعية تعليق العمل بإصلاح نظام التقاعد المثير للجدل لعام 2023. ويُعد هذا الإصلاح أحد أبرز القرارات في الولاية الثانية للرئيس إيمانويل ماكرون، والذي كان يهدف إلى ضمان استدامة النظام المالي للتقاعد، مما يجعل تعليقه مؤشراً على حدة التجاذبات السياسية الحالية.
أهداف خفض العجز المالي
من المقرر أن تشهد الأيام المقبلة، وتحديداً يوم الثلاثاء القادم، تصوياً حاسماً على النص الكامل للمشروع. وتهدف الحكومة من خلال هذه التحركات إلى ضبط المالية العامة، حيث يطمح مشروع الموازنة بشكل خاص إلى خفض العجز العام من نسبة 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي المتوقعة في عام 2025، للوصول به إلى 4.7% في عام 2026. ويعد هذا الخفض ضرورياً لالتزام فرنسا بالمعايير المالية الأوروبية والحفاظ على ثقة المؤسسات المالية الدولية في قدرة الاقتصاد الفرنسي على الوفاء بالتزاماته.