ظاهرة فلكية مرتقبة في سماء المنطقة
تتجه أنظار هواة الفلك والمصورين في جميع أنحاء العالم العربي مساء اليوم الجمعة، الموافق 28 نوفمبر 2025، لرصد ظاهرة فلكية مميزة، حيث يصل القمر إلى طور التربيع الأول لشهر جمادى الآخرة. وأوضح رئيس الجمعية الفلكية بجدة، المهندس ماجد أبو زاهرة، أن هذا الحدث يمثل فرصة استثنائية لمشاهدة تفاصيل سطح القمر بوضوح فريد.
وفقًا للحسابات الفلكية، سيصل القمر إلى لحظة التربيع الأول تمامًا عند الساعة 09:58 صباحًا بتوقيت مكة المكرمة (06:58 صباحًا بتوقيت غرينتش). في هذه اللحظة، يكون القمر قد أكمل ربع دورته الشهرية حول كوكب الأرض، وتكون الزاوية بينه وبين الشمس والأرض قائمة (90 درجة)، مما يجعلنا نرى نصف وجهه مضاءً بنور الشمس والنصف الآخر غارقًا في الظلام.
السياق العلمي والخلفية التاريخية لأطوار القمر
تعتبر أطوار القمر جزءًا لا يتجزأ من الإرث العلمي والثقافي للبشرية. منذ فجر التاريخ، اعتمد الإنسان على الدورة القمرية لتحديد الوقت وتنظيم التقاويم، وأبرزها التقويم الهجري الذي يعتمد كليًا على رؤية الهلال. يمر القمر بثمانية أطوار رئيسية خلال دورته التي تبلغ حوالي 29.5 يومًا، بدءًا من المحاق (القمر الجديد)، ثم الهلال المتزايد، فالتربيع الأول، ثم الأحدب المتزايد، وصولًا إلى البدر الكامل، ليبدأ بعدها في التناقص عبر أطوار الأحدب المتناقص، والتربيع الأخير، والهلال المتناقص، قبل أن يعود إلى المحاق مرة أخرى.
طور التربيع الأول له أهمية خاصة، حيث كان يستخدمه البحارة والرحالة قديمًا في الملاحة، كما أنه يمثل مرحلة مهمة في الدراسات الفلكية الحديثة التي تهدف إلى فهم جيولوجيا القمر وتاريخه.
أهمية الحدث وأفضل طرق الرصد
تكمن الأهمية الكبرى لطور التربيع الأول في كونه الوقت المثالي لرصد تضاريس سطح القمر. الخط الفاصل بين الجزء المضاء والجزء المظلم من القمر، والذي يُعرف فلكيًا بـ “خط الغلس” (Terminator)، يكون مسرحًا لظلال طويلة تلقيها الجبال والفوهات القمرية. هذا التباين الحاد بين الضوء والظل يمنح المشهد عمقًا وبعدًا ثلاثيًا، مما يسمح برؤية الفوهات الصدمية وسلاسل الجبال والوديان بوضوح مذهل حتى باستخدام أبسط المعدات.
ولتحقيق أفضل مشاهدة، ينصح المهندس أبو زاهرة باستخدام منظار ثنائي العينية أو تلسكوب صغير. وعند حلول المساء، سيظهر القمر عاليًا في قبة السماء باتجاه الجنوب بعد غروب الشمس، مما يجعله هدفًا سهلاً للرصد من أي مكان ذي أفق مكشوف وخالٍ من التلوث الضوئي. وخلال الأيام القادمة، سيواصل القمر رحلته في السماء، وستزداد مساحته المضاءة ليلًا بعد ليل، متجهًا نحو طور البدر الكامل، في مشهد يترقبه الملايين حول العالم.