أعربت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، يوم الاثنين، عن قلقها العميق إزاء المفاوضات المقررة بين مبعوث الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، محذرة من أنها قد تؤدي إلى فرض “ضغوط قاسية” على أوكرانيا لإنهاء الحرب.
وفي تصريحات أدلت بها عقب اجتماع لوزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في بروكسل، قالت كالاس: “أخشى أن يُمارس الضغط كله على الطرف الأضعف، لأن استسلام أوكرانيا هو أسهل سبيل لإنهاء هذه الحرب”. تعكس هذه التصريحات قلقاً متزايداً داخل العواصم الأوروبية من إمكانية تهميشها في أي محادثات مستقبلية قد ترسم ملامح السلام في أوكرانيا، خاصة في ظل تغير محتمل في الإدارة الأمريكية.
الجذور التاريخية والسياق الحالي للصراع
تأتي هذه المخاوف في سياق حرب مستمرة منذ الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022، والذي شكل أكبر صراع عسكري في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. لم تبدأ الأزمة في عام 2022، بل تعود جذورها إلى عام 2014 عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم ودعمت الانفصاليين في منطقة دونباس شرق أوكرانيا. منذ ذلك الحين، تحول الصراع إلى حرب استنزاف طويلة، قدم خلالها الغرب، بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، دعماً عسكرياً ومالياً وإنسانياً هائلاً لكييف لمساعدتها على الدفاع عن سيادتها وسلامة أراضيها.
أهمية المفاوضات وتأثيرها المحتمل
تكتسب أي مفاوضات بين واشنطن وموسكو أهمية استثنائية نظراً للدور المحوري الذي تلعبه الولايات المتحدة كأكبر داعم عسكري لأوكرانيا. ويخشى القادة الأوروبيون أن تؤدي صفقة محتملة، يتم التفاوض عليها بشكل ثنائي، إلى التضحية بمصالح أوكرانيا الأمنية طويلة الأمد، مثل التنازل عن أراضٍ أو القبول بوضع حيادي يتركها عرضة لعدوان مستقبلي. على الصعيد الإقليمي، فإن أي تسوية يُنظر إليها على أنها مكافأة للعدوان الروسي قد تزعزع استقرار الجناح الشرقي لأوروبا وتشجع موسكو على المضي قدماً في سياساتها التوسعية، مما يهدد الأمن الجماعي للقارة.
تحركات دبلوماسية مكثفة
في ظل هذه الأجواء، تتكثف التحركات الدبلوماسية الأوروبية لتنسيق المواقف. وأعلن قصر الإليزيه أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون عقدا محادثات في باريس مع ويتكوف والمفاوض الأوكراني رستم عمروف. كما أجرى الرئيسان الفرنسي والأوكراني اتصالات منفصلة مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وقادة من ألمانيا وبولندا وإيطاليا ودول الشمال الأوروبي. وشملت المشاورات أيضاً رئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، في محاولة لضمان جبهة غربية موحدة تؤكد على مبدأ “لا شيء بشأن أوكرانيا بدون أوكرانيا”.