في خطوة دبلوماسية تهدف إلى نزع فتيل الأزمة المتصاعدة في أمريكا اللاتينية، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتصالاً هاتفياً بنظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو، دعاه خلاله إلى ضرورة الإبقاء على قنوات الحوار مفتوحة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في ظل المخاوف المتزايدة في كراكاس من تحركات عسكرية أمريكية محتملة.
وبحسب بيان صادر عن مكتب الرئاسة التركية، شدد أردوغان على أهمية الدبلوماسية في هذه المرحلة الحرجة، قائلاً: "من المهم إبقاء قنوات الحوار مفتوحة بين الولايات المتحدة وفنزويلا"، معرباً عن أمله في احتواء التوتر الذي يخيم على منطقة البحر الكاريبي في أقرب وقت ممكن، ومؤكداً أن تركيا تتابع التطورات عن كثب وتؤمن بأن "المشكلات يمكن حلها بالحوار" وليس عبر التصعيد العسكري.
قلق فنزويلي من التحركات الأمريكية
من جانبها، أصدرت وزارة الخارجية الفنزويلية بيانوً أوضحت فيه تفاصيل المكالمة، مشيرة إلى أن الرئيس التركي أبدى "قلقه العميق" إزاء التهديدات التي تواجه فنزويلا. وركز الحديث بشكل خاص على الانتشار العسكري الأمريكي المكثف والإجراءات التي وصفتها كراكاس بأنها تهدف لزعزعة الأمن والاستقرار في منطقة البحر الكاريبي.
وذكر البيان أن الرئيس مادورو قدم لنظيره التركي شرحاً مفصلاً حول ما وصفه بـ "الطبيعة غير القانونية وغير المتكافئة" للتهديدات الأمريكية، معتبراً إياها خطوات باهظة التكلفة وغير ضرورية تهدد السلم الإقليمي.
خلفيات التوتر والعلاقات الاستراتيجية
تأتي هذه المكالمة في سياق علاقات استراتيجية متينة تطورت بين أنقرة وكراكاس خلال السنوات الأخيرة. فمنذ عام 2018، وقفت تركيا كداعم رئيسي لحكومة مادورو في مواجهة العقوبات الغربية، حيث تبادل البلدان زيارات رفيعة المستوى وعززا التعاون في مجالات تجارة الذهب والطاقة. ويرى مراقبون أن تدخل أردوغان للنصح بالحوار يعكس رغبة تركية في حماية حليفها الاقتصادي والسياسي في أمريكا الجنوبية من أي مواجهة عسكرية قد تؤدي إلى انهيار النظام.
كما ناقش الزعيمان التداعيات الاقتصادية واللوجستية للإجراءات الأمريكية الأخيرة، بما في ذلك التعليق الشامل للرحلات الجوية الدولية إلى فنزويلا، وذلك عقب تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي اعتبر فيها المجال الجوي الفنزويلي "مغلقاً"، مما زاد من عزلة كراكاس الدولية.
الحشود العسكرية وحرب المخدرات
على الصعيد الميداني، كثفت واشنطن ضغوطها عبر استراتيجية "الضغط الأقصى"، حيث حشدت قوات عسكرية بحرية في منطقة البحر الكاريبي تحت غطاء مكافحة المخدرات. وتتهم الإدارة الأمريكية مادورو وعدد من مساعديه بقيادة "كارتيل" لتهريب المخدرات، وهي تهم تنفيها فنزويلا جملة وتفصيلاً وتعتبرها ذريعة للتدخل العسكري.
وقد نفذت القوات الأمريكية أكثر من 20 عملية في المنطقة استهدفت قوارب يشتبه بتورطها في التهريب، وأرسلت حاملة طائرات ضخمة وأسطولاً من القطع الحربية لإحكام الحصار البحري والجوي، مما يضع المنطقة على صفيح ساخن ويزيد من أهمية الوساطة التركية لمحاولة تبريد الأجواء.