في خطوة دبلوماسية تهدف إلى احتواء التوتر المتصاعد في أمريكا اللاتينية، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتصالاً هاتفيًا بنظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو، ناصحاً إياه بضرورة الإبقاء على قنوات الحوار مفتوحة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في ظل المخاوف المتزايدة في كراكاس من احتمالية تحرك عسكري أمريكي في منطقة البحر الكاريبي.
تفاصيل الاتصال والدعوة للتهدئة
وفقاً لبيان صادر عن مكتب الرئاسة التركية، أكد أردوغان خلال المحادثة أن "السلام العالمي لا يمكن أن يتحقق إلا عبر الحوار"، مشدداً على أهمية التواصل بين كراكاس وواشنطن لتجنيب المنطقة ويلات نزاع مسلح محتمل. وأعرب الرئيس التركي عن أمله في "احتواء التوتر في أقرب وقت ممكن"، مشيراً إلى أن تركيا تتابع عن كثب مجريات الأحداث وترى أن الحلول الدبلوماسية لا تزال ممكنة.
من جانبها، أصدرت وزارة الخارجية الفنزويلية بياناً أوضحت فيه أن أردوغان أبدى "قلقه العميق" إزاء التحشيد العسكري والتهديدات التي تواجه فنزويلا. ونقل البيان عن مادورو شرحه لنظيره التركي ما وصفه بـ "الطبيعة غير القانونية وغير المتكافئة" للإجراءات الأمريكية التي تهدف، بحسب وصفه، إلى زعزعة الأمن والاستقرار في منطقة البحر الكاريبي.
خلفيات التحالف التركي الفنزويلي
لا تأتي هذه المكالمة من فراغ، بل تستند إلى علاقات استراتيجية وثيقة تطورت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة بين أنقرة وكراكاس. فقد وقفت تركيا بقوة إلى جانب مادورو خلال الأزمة السياسية عام 2019 عندما اعترفت واشنطن ودول غربية أخرى بزعيم المعارضة رئيساً مؤقتاً للبلاد. وتعتبر تركيا شريكاً اقتصادياً حيوياً لفنزويلا، خاصة في تجارة الذهب والمواد الغذائية، مما جعل أردوغان حليفاً موثوقاً لدى القيادة الفنزويلية، وهو ما يعطي نصيحته بالحوار وزناً سياسياً خاصاً.
التصعيد العسكري الأمريكي في الكاريبي
تأتي هذه التطورات في وقت كثفت فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضغوطها على فنزويلا، حيث أرسلت واشنطن تعزيزات عسكرية ضخمة تضمنت سفناً حربية وطائرات إلى منطقة البحر الكاريبي تحت غطاء "مكافحة المخدرات". وقد نفذت القوات الأمريكية أكثر من 20 عملية استهدفت قوارب يشتبه بتورطها في التهريب، مما أسفر عن مقتل العشرات، وهو ما اعتبرته كراكاس حصاراً بحرياً مقنعاً وتهديداً مباشراً لسيادتها.
كما ناقش الزعيمان التداعيات الاقتصادية واللوجستية للقرارات الأمريكية الأخيرة، بما في ذلك التعليق الشامل للرحلات الجوية، وإعلان ترامب اعتبار المجال الجوي الفنزويلي "مغلقاً"، مما يزيد من عزلة فنزويلا الدولية.
تناقضات الموقف الأمريكي
على الرغم من الحشد العسكري والاتهامات الموجهة لمادورو بقيادة "كارتل مخدرات"، إلا أن المشهد السياسي يشهد بعض التناقضات. فقد أكد الرئيس الفنزويلي إجراء مكالمة "ودية" مع ترامب قبل أيام من التصعيد، وهو ما أقر به ترامب لاحقاً دون الخوض في التفاصيل. يعكس هذا التباين بين الخطاب الدبلوماسي والتحرك العسكري حالة من عدم اليقين، مما يجعل دعوة أردوغان للحوار محاولة لاستغلال هذه الثغرة لتجنب سيناريو المواجهة الشاملة.
