أداء تاريخي وزخم استثماري في البورصة المصرية
في جلسة تداول استثنائية، شهدت البورصة المصرية أداءً تاريخيًا في ختام تعاملات اليوم، حيث غلب اللون الأخضر على كافة مؤشراتها الرئيسية والفرعية، مما يعكس موجة من الثقة والتفاؤل العارم بين أوساط المستثمرين. ونجح رأس المال السوقي لأسهم الشركات المقيدة في تحقيق قفزة هائلة بمكاسب بلغت نحو 23 مليار جنيه، ليغلق عند مستوى قياسي جديد هو 2.850 تريليون جنيه. جاء هذا الأداء القوي مدعومًا بسيولة ضخمة، حيث سجلت قيم التداولات الكلية حوالي 18.4 مليار جنيه، وهو ما يؤكد على عمق السوق وجاذبيته المتزايدة للاستثمارات المحلية والأجنبية.
السياق الاقتصادي: محركات الصعود القياسي
لم يأتِ هذا الصعود من فراغ، بل هو تتويج لسلسلة من الإجراءات والقرارات الاقتصادية الهامة التي اتخذتها الحكومة المصرية والبنك المركزي مؤخرًا. يأتي في مقدمة هذه المحركات صفقة الاستثمار الكبرى في مشروع “رأس الحكمة” مع الإمارات العربية المتحدة، والتي ضخت سيولة دولارية ضخمة في شرايين الاقتصاد المصري، مما ساهم في القضاء على السوق الموازية للعملة. تزامن ذلك مع قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر الصرف بشكل كامل ورفع أسعار الفائدة بواقع 600 نقطة أساس، وهي خطوات جريئة ساهمت في استعادة ثقة المستثمرين الأجانب والمؤسسات الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي الذي قام بزيادة قيمة قرضه لمصر. هذه العوامل مجتمعة خلقت بيئة استثمارية إيجابية، حيث أصبحت الأصول المقومة بالجنيه المصري أكثر جاذبية بعد انخفاض قيمتها مقابل الدولار.
تفاصيل أداء المؤشرات الرئيسية
على صعيد الأداء الفني، اخترق المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية (إيجي إكس 30)، الذي يضم أكبر 30 شركة من حيث القيمة السوقية والنشاط، حاجزًا نفسيًا وتاريخيًا هامًا، حيث قفز بنسبة 1.27% ليغلق عند مستوى 40039.24 نقطة. هذا الإنجاز يعكس القوة الشرائية الكبيرة التي تستهدف الأسهم القيادية، والتي تعتبر قاطرة السوق. ولم تقتصر المكاسب على الأسهم الكبرى، بل امتدت لتشمل الأسهم الصغيرة والمتوسطة، حيث ارتفع مؤشر (إيجي إكس 70) بنسبة 0.67% ليغلق عند 12244.31 نقطة. كما سجل مؤشر (إيجي إكس 100) الأوسع نطاقًا نموًا بنسبة 0.74%، منهيًا الجلسة عند 16223.29 نقطة، مما يؤكد أن موجة الصعود كانت جماعية وشملت مختلف قطاعات السوق.
الأهمية والتأثيرات المتوقعة محليًا ودوليًا
تعتبر البورصة مرآة الاقتصاد، وهذا الأداء القياسي يرسل رسائل إيجابية متعددة. محليًا، يعزز هذا الصعود من ثقة المستثمرين الأفراد والمؤسسات المحلية، ويشجع الشركات على التوسع وزيادة رؤوس أموالها عبر طرح أسهم جديدة، مما يساهم في تمويل خطط النمو وخلق فرص عمل. دوليًا، يضع هذا الأداء البورصة المصرية على خريطة الاستثمار العالمية كواحدة من أكثر الأسواق الناشئة جاذبية، ومن المتوقع أن يجذب المزيد من تدفقات الاستثمار الأجنبي غير المباشر (الأموال الساخنة) التي تبحث عن عوائد مرتفعة. كما أن هذا النجاح يعزز من التصنيف الائتماني لمصر ويؤكد للمؤسسات الدولية أن خطة الإصلاح الاقتصادي بدأت تؤتي ثمارها، مما يمهد الطريق لمستقبل اقتصادي أكثر استقرارًا ونموًا.