تزامناً مع احتفاء العالم باليوم الدولي للطيران المدني، الذي يوافق السابع من ديسمبر من كل عام، يتجدد الحديث في المملكة العربية السعودية حول واقع النقل الجوي ومستقبله. ويأتي هذا الاحتفاء ليبرز الدور المحوري الذي يلعبه قطاع الطيران كمحرك رئيسي للتنمية الاقتصادية، وجسر للربط بين الثقافات، وشريان حيوي لحركة البشر والبضائع، فضلاً عن دوره الإنساني في الاستجابة للأزمات.
وفي ظل مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تولي قطاع السياحة والطيران اهتماماً غير مسبوق عبر الاستراتيجية الوطنية للطيران الهادفة للوصول إلى 330 مليون مسافر سنوياً بحلول عام 2030، أبدى مواطنون فخرهم بالتطور المتسارع في البنية التحتية للمطارات السعودية، مؤكدين في الوقت ذاته حاجة السوق الماسة لمزيد من المنافسة السعرية لإنعاش السياحة الداخلية.
تحديات الأسعار والمنافسة
وفي استطلاع ميداني أجرته ”اليوم“، أكد فيصل سلمان أن خدمات الطيران في المملكة شهدت قفزات تطويرية واضحة خلال السنوات الأخيرة، جعلت من إجراءات السفر أسهل وأكثر انسيابية مقارنة بالسابق. ورغم إشادته بهذا التطور التقني واللوجستي، أبدى فيصل انزعاجه من ارتفاع أسعار الرحلات الداخلية التي تفوق أحياناً نظيرتها الدولية، مقترحاً زيادة عدد الرحلات الدولية غير المتوفرة حالياً لتحسين التجربة، ومشدداً على تفضيله للشركات المنضبطة في المواعيد وتجنب التأخير.
واتفقت معه مريم المهاوش، التي أشارت إلى أن التحول الرقمي جعل السفر أكثر سلاسة، لكنها لفتت إلى أن ارتفاع التذاكر الداخلية يقف عائقاً حقيقياً أمام إنعاش السياحة المحلية، ويدفع المواطنين للسفر للخارج بحثاً عن التنافسية والخيارات الأرخص.
مريم المهاوش
وطالبت المهاوش بضرورة وجود أكثر من مشغل جوي داخلي مع فرض رقابة صارمة على الأسعار، داعيةً في الوقت ذاته لتطوير الجوانب الترفيهية في المطارات كالمطاعم والتسوق، لتصبح مكاناً ممتعاً يقلل من وطأة الانتظار الطويل، وهو ما يتماشى مع المعايير العالمية للمطارات الحديثة التي تحولت إلى وجهات ترفيهية بحد ذاتها.
الطيران الاقتصادي ضرورة ملحة
من جهتها، شددت أسيل عبدالرحمن على أن دخول مشغلين اقتصاديين جدد لسوق الطيران السعودي بات ضرورة ملحة وليس ترفاً، نظراً لأن الأسعار الحالية تشكل عبئاً ثقيلاً على الأسر والطلاب وكثيري التنقل بين المدن للعمل أو العلاج.
اسيل عبدالرحمن
وأوضحت أسيل أن التجارب العالمية أثبتت أن التوسع في الطيران الاقتصادي يخلق منافسة عادلة تخفض الأسعار وتحسن الخدمات، وهو ما ينسجم مع رغبات المسافرين واتساع الرقعة الجغرافية للمملكة التي تجعل الطيران وسيلة تنقل أساسية لا غنى عنها لربط مناطق المملكة المترامية الأطراف.
البنية التحتية وجودة الخدمات
وفي زاوية أخرى، رأى عبدالرحمن السويلم أن خدمات الطيران السعودية وصلت لمستويات ممتازة تنافس إقليمياً، بفضل تسارع وتيرة تطوير البنية التحتية، مشيراً إلى أن انضباط المواعيد يظل العامل الحاسم في رضا المسافر واختياره لشركة الطيران.
عبدالرحمن السويلم
ولم يخفِ السويلم استياءه من مشكلة تأخر استلام الأمتعة التي لا تزال تشكل عبئاً يواجه المسافرين رغم التطور العام، مؤكداً أن التوسع في الربط الجوي ينعكس إيجاباً وبشكل مباشر على حركة الاستثمار والاقتصاد الوطني، حيث يسهل حركة رجال الأعمال والمستثمرين بين المناطق.
وعلى صعيد البنية التحتية، أشاد معيض الشطيري بالتطور الملحوظ في تنظيم المطارات واستخدام التقنيات الذكية كالبوابات الذاتية، التي قلصت أوقات الانتظار وسهلت الإجراءات بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
معيض الشطيري
وتوقع الشطيري مستقبلاً واعداً للمطارات السعودية، خاصة في الرياض وجدة والدمام، لتدخل قائمة الأفضل عالمياً، ناصحاً بالتركيز أيضاً على الخدمات الإنسانية والترفيهية وخدمات ذوي الاحتياجات الخاصة لتكتمل منظومة الجودة.
تحديات المطارات الإقليمية
واختتمت سارة سلمان الحديث بتسليط الضوء على معاناة سكان المحافظات، مشيرة إلى اضطرارها للسفر عبر مطار الدمام بدلاً من مطار الأحساء بسبب محدودية الوجهات، مما يضيف عبئاً ومشقة على العائلات وكبار السن في قطع المسافات الطويلة.
ساره سلمان
وأكدت سارة أن محافظة الأحساء، التي تعد موقعاً تراثياً عالمياً مسجلاً في اليونسكو وبكثافتها السكانية العالية، تستحق مطاراً يعمل بكفاءة أعلى ويقدم رحلات متنوعة، مما سيساهم في تخفيف الضغط والازدحام عن مطار الدمام ويخدم شريحة واسعة من المواطنين، بالإضافة إلى تعزيز الجذب السياحي للمنطقة الشرقية.