أعلن مجلس الضمان الصحي في المملكة العربية السعودية عن إطلاق آلية رقابية جديدة ومبتكرة، تتمثل في خطة تقييمية شاملة تمتد لـ 90 يوماً، تستهدف جميع مزودي خدمات الرعاية الصحية قبل تجديد اعتماداتهم الرسمية. تأتي هذه الخطوة الاستراتيجية ضمن برنامج «ضمان»، وتهدف إلى قياس مدى امتثال المؤسسات الصحية لمعايير الجودة والكفاءة، مما يمثل تحولاً جذرياً في فلسفة الرقابة الصحية بالقطاع.
السياق العام ضمن رؤية 2030
تندرج هذه المبادرة في إطار الأهداف الأوسع لـ رؤية السعودية 2030 وبرنامج تحول القطاع الصحي، الذي يسعى إلى إعادة هيكلة المنظومة الصحية لتكون أكثر كفاءة واستدامة. فبدلاً من التركيز على حجم الخدمات المقدمة، تسعى المملكة إلى تبني نماذج الرعاية الصحية القائمة على القيمة (Value-Based Healthcare)، والتي تركز على تحقيق أفضل النتائج الصحية للمرضى بأفضل تكلفة ممكنة. وتعتبر خطة الـ 90 يوماً أداة تنفيذية رئيسية لتحقيق هذا التحول، حيث تضمن أن الاعتماد لا يُمنح إلا للمؤسسات التي تثبت جدارتها في تقديم رعاية عالية الجودة.
تفاصيل الرحلة التقييمية
قسم المجلس الرحلة التقييمية إلى ثلاث مراحل زمنية محددة، تبدأ قبل ثلاثة أشهر من تاريخ انتهاء اعتماد المنشأة الصحي، وهي كالتالي:
- الشهر الأول: التقييم الذاتي وتعيين “سفير ضمان”
في هذه المرحلة، تُلزم المنشأة الصحية بتعيين رئيسها التنفيذي بصفة “سفير ضمان”. يتولى السفير مسؤولية الإشراف المباشر على عملية التقييم الذاتي، ورفع كافة الوثائق والمستندات التي تثبت امتثال المنشأة للوائح والمعايير المعتمدة عبر المنصات الرقمية للمجلس. - الشهر الثاني: الزيارات الميدانية والتدقيق
تنتقل العملية من الإطار النظري إلى التطبيق العملي، حيث يقوم فريق من مقيمي المجلس بتنفيذ زيارات تفتيشية مجدولة. تستند هذه الزيارات إلى منهجيات تقييم صارمة لفحص الأداء الفني والإداري، وتحديد نقاط القوة وفرص التحسين، وتصدر عنها تقارير مفصلة وشفافة. - الشهر الثالث: التصنيف النهائي والخطط التصحيحية
بناءً على نتائج التقييم الذاتي والزيارات الميدانية، يصدر المجلس في الشهر الأخير قراره النهائي بتصنيف المنشأة. ويُرفق مع التصنيف خطط تصحيحية إلزامية لمعالجة أي قصور تم رصده، حيث يصبح تجديد الاعتماد مشروطاً بتنفيذ هذه الإجراءات بنجاح.
الأهمية والتأثير المتوقع
لهذه الآلية الجديدة تأثيرات إيجابية متعددة على المستويات المحلية والإقليمية. فعلى الصعيد المحلي، ستؤدي إلى رفع مستوى جودة الخدمات الصحية المقدمة للمستفيدين من التأمين الصحي، وتعزيز الشفافية والمساءلة لدى مقدمي الخدمة. كما ستخلق بيئة تنافسية صحية بين المستشفيات والمراكز الطبية للارتقاء بخدماتها. أما إقليمياً، فتعزز هذه الخطوة مكانة المملكة كمركز رائد في الرعاية الصحية بالمنطقة، وتجعل نظامها الصحي أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية والسياحة العلاجية، من خلال مواءمة معاييرها مع أفضل الممارسات العالمية. إنها منظومة متكاملة تعكس التوجه نحو حوكمة دقيقة، حيث يصبح الاعتماد شهادة استحقاق مبنية على الكفاءة وجودة المخرجات الطبية، وليس مجرد إجراء روتيني لتجديد الترخيص.