خطوة استراتيجية نحو توطين صناعة السيارات
في خطوة محورية تهدف إلى ترسيخ مكانة المملكة العربية السعودية كقوة صناعية صاعدة، وقّعت الأكاديمية الوطنية للسيارات والمركبات “نافا” اتفاقية شراكة استراتيجية مع شركة “سير”، أول علامة تجارية سعودية لصناعة السيارات الكهربائية. وتهدف هذه الشراكة إلى إطلاق “برنامج الدبلوم المتوسط في تقنية صناعة السيارات”، الذي سيعمل على تدريب وتأهيل 300 شاب وشابة سعوديين خلال السنوات القادمة. تم الإعلان عن هذه الاتفاقية الهامة خلال فعاليات “يوم جيل المستقبل”، الذي أقيم على هامش أعمال الدورة الحادية والعشرين لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) في العاصمة الرياض، تحت رعاية معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية، الأستاذ بندر الخريف.
السياق العام: ضمن مستهدفات رؤية 2030
تأتي هذه الاتفاقية كترجمة عملية لمستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تضع التنويع الاقتصادي وتنمية القدرات البشرية الوطنية على رأس أولوياتها. تسعى المملكة بشكل حثيث إلى بناء اقتصاد مستدام وغير معتمد على النفط، ويُعد قطاع صناعة السيارات، وتحديداً السيارات الكهربائية، أحد الركائز الأساسية في هذه الاستراتيجية. إن تأسيس شركة “سير”، وهي مشروع مشترك بين صندوق الاستثمارات العامة وشركة “فوكسكون” التايوانية، يمثل دليلاً قاطعاً على طموح المملكة لدخول هذا المجال التنافسي بقوة، ليس فقط كسوق استهلاكية، بل كمركز للتصنيع والابتكار في المنطقة.
أهمية الحدث وتأثيره المتوقع
تكمن أهمية هذه الشراكة في كونها تعالج التحدي الأكبر أمام أي صناعة ناشئة: توفير الكوادر البشرية المؤهلة. فمن خلال تدريب 300 فني وتقني سعودي، تضمن المملكة بناء قاعدة صلبة من المواهب المحلية القادرة على تشغيل وإدارة المصانع الحديثة. على الصعيد المحلي، ستسهم هذه المبادرة في خفض معدلات البطالة وتوفير وظائف نوعية ذات قيمة مضافة عالية، كما ستعزز من سلسلة القيمة المحلية لقطاع السيارات. أما إقليمياً، فإن نجاح هذا النموذج سيضع السعودية في موقع الريادة، لتصبح مركزاً إقليمياً لتصنيع وتصدير السيارات الكهربائية وتقنياتها، مما يجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. دولياً، تعكس هذه الخطوة التزام المملكة بالتحول نحو الطاقة النظيفة والمستدامة، ومواكبة التوجهات العالمية في قطاع النقل.
أهداف طموحة لمستقبل واعد
تهدف الشراكة إلى تطوير شامل لقطاع السيارات في المملكة، مع التركيز على تعزيز الكفاءات والقدرات الوطنية في مجالات تصنيع السيارات الكهربائية المتقدمة. وقال المدير العام للأكاديمية الوطنية للسيارات والمركبات (نافا)، الأستاذ محمد السحيم، إن “الاتفاقية تمثل امتدادًا لالتزام الأكاديمية بدعم مسار التحول الصناعي الوطني”. وأوضح أن دور (نافا) لا يقتصر على تقديم برامج تدريبية، بل يمتد إلى تمكين الشباب السعودي من الالتحاق بوظائف نوعية داخل شركات وطنية رائدة مثل “سير”، مما يعزز حضور الكفاءات الوطنية في الصناعات الحديثة. من جانبه، أكد الرئيس التنفيذي لشركة “سير”، السيد جيمس دي لوكا، على أهمية هذا التعاون قائلاً: “انطلاقًا من دورنا في إطلاق صناعة السيارات في المملكة، نؤمن بأن تطوير المواهب الوطنية هو المحرك الرئيس للابتكار والنمو. وبصفتنا شريكًا مؤسسًا للأكاديمية، نلتزم بتمكين الفنيين السعوديين بالمعرفة والمهارات اللازمة لقيادة مستقبل قطاع السيارات في المملكة”.