أعلن العالم الثقافي والمسرحي عن خسارة فادحة بوفاة الكاتب المسرحي البريطاني الشهير، السير توم ستوبارد، الذي فارق الحياة عن عمر يناهز 88 عاماً. وأكدت وكالة “يونايتد إيجنتس” في بيان رسمي أن ستوبارد توفي بسلام في منزله بمقاطعة دورست، محاطاً بأفراد عائلته.
وقالت الوكالة في بيانها: “نشعر بحزن عميق لإعلان وفاة عميلنا وصديقنا العزيز، توم ستوبارد. سيُذكر بأعماله لتألقه وإنسانيته ولذكائه وعفويته وسخائه وحبه العميق للغة الإنكليزية”. وقد ترك ستوبارد خلفه إرثاً غنياً من الأعمال التي جمعت بين العمق الفلسفي والكوميديا الذكية، مما جعله أحد أبرز الأصوات في المسرح العالمي.
نعي ملكي وتكريم لمسيرة حافلة
لم يقتصر الحزن على الأوساط الفنية، بل امتد ليشمل قصر باكنغهام، حيث أصدر الملك تشارلز بياناً مؤثراً نعى فيه الراحل. وقال الملك إنه والملكة يشعران “بحزن عميق” لوفاة “أحد أعظم كُتّابنا”، مضيفاً: “كان صديقاً عزيزاً عبّر عن عبقريته بعفوية، وكان قادراً، لا بل نجح في توجيه قلمه نحو أي موضوع”. يعكس هذا النعي الملكي المكانة الرفيعة التي حظي بها ستوبارد في المشهد الثقافي البريطاني.
من لاجئ إلى أيقونة مسرحية
ولد توم ستوبارد باسم توماس ستراوسلر في تشيكوسلوفاكيا عام 1937، وعاش طفولة مضطربة هرباً من الاحتلال النازي. لجأت عائلته إلى سنغافورة ثم الهند، قبل أن يستقر في بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية. هذه الخلفية كلاجئ أثرت بعمق في أعماله التي غالباً ما تناولت مواضيع الهوية والمنفى والصدفة. بدأ مسيرته المهنية كصحفي قبل أن يتحول إلى الكتابة المسرحية، ليقدم للعالم أولى روائعه التي وضعته في مصاف الكبار.
أعمال خالدة وتأثير عالمي
اشتهر ستوبارد عالمياً بمسرحيته العبثية “روزنكرانتز وغيلدنسترن ميتان” (Rosencrantz and Guildenstern Are Dead) عام 1966، والتي قدمت منظوراً جديداً ومبتكراً لشخصيتين ثانويتين من مسرحية “هاملت” لشكسبير. كما أبدع في كتابة العديد من المسرحيات الهامة الأخرى مثل “آركاديا” (Arcadia) و”الشيء الحقيقي” (The Real Thing).
لم تقتصر عبقريته على المسرح، بل امتدت إلى السينما، حيث حاز على جائزة الأوسكار لأفضل سيناريو أصلي عن فيلم “شكسبير عاشقاً” (Shakespeare in Love) عام 1998، وهو العمل الذي رسخ مكانته ككاتب سيناريو من الطراز الرفيع. إن رحيل توم ستوبارد يمثل نهاية حقبة في المسرح البريطاني والعالمي، لكن أعماله ستظل مصدر إلهام ودراسة للأجيال القادمة، شاهدة على عقل فذ جمع بين الفكاهة والفلسفة ببراعة لا مثيل لها.