أعلنت السلطات التركية، يوم الثلاثاء، عن تعرض سفينة شحن ترفع العلم الروسي لهجوم في البحر الأسود، في حادث جديد يسلط الضوء على المخاطر المتزايدة التي تهدد الملاحة البحرية في هذه المنطقة الحيوية. وأكدت إدارة الشؤون البحرية التركية أن الهجوم لم يسفر عن أي إصابات في صفوف طاقم السفينة.
وفي تفاصيل الحادث، أوضحت الإدارة أن السفينة “مايلدفولغا 2” (MildVolga 2) أبلغت عن تعرضها لهجوم على بعد حوالي 80 ميلًا بحريًا من السواحل التركية. كانت السفينة في طريقها من روسيا إلى جورجيا، محملة بزيت دوار الشمس. وأشارت السلطات إلى أن طاقم السفينة المكون من 13 فردًا جميعهم بخير، وأن السفينة لم تطلب المساعدة وتوجهت إلى ميناء سينوب التركي كإجراء احترازي. وتُصنف السفينة، بحسب مواقع تتبع الملاحة البحرية، على أنها “ناقلة نفط/كيماويات”.
سياق متوتر في البحر الأسود
يأتي هذا الهجوم في ظل سياق إقليمي متوتر للغاية. فمنذ انهيار اتفاقية الحبوب التي كانت ترعاها الأمم المتحدة وتركيا في يوليو 2023، تحول البحر الأسود إلى ساحة مواجهة مفتوحة. كثفت كل من روسيا وأوكرانيا هجماتهما على الموانئ والبنية التحتية البحرية للطرف الآخر. وقد أعلنت روسيا أن جميع السفن المتجهة إلى الموانئ الأوكرانية تعتبر أهدافًا عسكرية محتملة، وردت أوكرانيا بالمثل باستهداف الموانئ الروسية والسفن الحربية التابعة لأسطول البحر الأسود الروسي.
الحادث يسبقه هجومان تبنتهما أوكرانيا يومي الجمعة والسبت الماضيين، استهدفا ما يُعرف بـ”الأسطول الشبح” الذي تستخدمه روسيا لتصدير وقودها والتحايل على العقوبات الدولية المفروضة عليها. هذه الهجمات تظهر استراتيجية أوكرانية واضحة لتعطيل القدرات الاقتصادية والعسكرية الروسية عبر البحر.
أهمية استراتيجية وتداعيات اقتصادية
يمثل البحر الأسود شريانًا تجاريًا عالميًا، خاصة لصادرات الحبوب والنفط والأسمدة. أي تصعيد في هذه المنطقة له تداعيات مباشرة على الأمن الغذائي العالمي وأسواق الطاقة. الهجمات المتكررة على السفن التجارية ترفع من تكاليف التأمين البحري بشكل كبير، وتدفع شركات الشحن إلى تجنب المنطقة، مما يؤدي إلى اضطراب سلاسل الإمداد العالمية.
وقد عبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الاثنين، عن قلقه البالغ إزاء هذا “التصعيد المقلق”، معتبرًا أن النزاع بات يهدد بشكل مباشر سلامة الملاحة في البحر الأسود. وتلعب تركيا، التي تسيطر على مضيقي البوسفور والدردنيل بموجب اتفاقية مونترو، دورًا محوريًا في الحفاظ على استقرار المنطقة، لكن قدرتها على احتواء الصراع تتضاءل مع استمرار الهجمات المتبادلة.