في تطور قضائي يتقاطع مع الجدل السياسي المحتدم في الولايات المتحدة، دفع رحمن الله لاكانوال، المواطن الأفغاني البالغ من العمر 29 عامًا والمتهم بإطلاق النار على عنصرين من الحرس الوطني قرب البيت الأبيض في واشنطن، ببراءته من كافة التهم الموجهة إليه، بما في ذلك تهمة القتل. وقد جاء هذا الإعلان عبر اتصال فيديو من سريره في المستشفى حيث يتعافى من إصابات لحقت به خلال الحادث الذي وقع الأسبوع الماضي وأسفر عن مقتل أحد العنصرين.
خلفية المتهم وسياق وصوله إلى أمريكا
تكتسب قضية لاكانوال بعدًا مركبًا بالنظر إلى خلفيته، حيث وصل إلى الولايات المتحدة في عام 2021، بعد شهر واحد فقط من الانسحاب الأمريكي الفوضوي من أفغانستان. كان لاكانوال جزءًا من عملية الإجلاء الواسعة التي أطلقتها إدارة الرئيس جو بايدن لمساعدة الأفغان الذين تعاونوا مع القوات الأمريكية وحلفائها على مدى عقدين من الزمن. وتشير التقارير إلى أنه كان عضوًا في “قوة شريكة” تلقت دعمًا وتدريبًا من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) لمواجهة حركة طالبان، مما يجعله حليفًا سابقًا للولايات المتحدة.
السياق التاريخي: إرث الانسحاب من أفغانستان
يأتي هذا الحادث ليعيد تسليط الضوء على عملية “أهلاً بالحلفاء” (Operation Allies Welcome)، وهي المبادرة الحكومية الأمريكية التي هدفت إلى إعادة توطين عشرات الآلاف من الأفغان الفارين من سيطرة طالبان. ورغم أن العملية اعتُبرت ضرورة إنسانية وأخلاقية، إلا أنها واجهت تحديات لوجستية وأمنية هائلة، تمثلت في الحاجة إلى فحص وتدقيق أمني لعدد كبير من الأفراد في فترة زمنية قصيرة. وقد أثارت هذه التحديات مخاوف وانتقادات مستمرة من قبل بعض الأوساط السياسية حول كفاءة عمليات التدقيق واحتمالية تسلل عناصر قد تشكل خطرًا أمنيًا.
التداعيات القضائية والسياسية للقضية
قضائيًا، أمرت القاضية رينيه رايموند باستمرار احتجاز لاكانوال على ذمة القضية، مع تحديد جلسة الاستماع التالية في 14 يناير. وقد أعلنت المدعية العامة بام بوندي، في تصريح يعكس خطورة التهم، عن نيتها السعي لفرض عقوبة الإعدام بحق المتهم. أما على الصعيد السياسي، فقد استغلت شخصيات سياسية محافظة الحادث لتجديد انتقاداتها لسياسات الهجرة التي تتبعها إدارة بايدن. وألقى مسؤولون من إدارة ترامب السابقة باللوم على ما وصفوه بـ”التدقيق المتراخي” كسبب لدخول لاكانوال البلاد. وفي هذا السياق، دعت حاكمة ولاية داكوتا الجنوبية كريستي نويم إلى توسيع قائمة الدول المشمولة بحظر السفر، متهمة بعض الدول بإغراق الولايات المتحدة بـ”القتلة”. وتأتي هذه الدعوات وسط تقارير تفيد بأن الرئيس السابق دونالد ترامب يدرس، في حال فوزه بالانتخابات، زيادة عدد الدول الخاضعة لقيود السفر بشكل كبير.
الأثر المتوقع على سياسات الهجرة والمجتمع
من المتوقع أن يكون لهذه القضية تأثير عميق يتجاوز أروقة المحاكم. فعلى المستوى المحلي، تزيد من حالة القلق الأمني في العاصمة واشنطن. وعلى المستوى الوطني، تغذي الاستقطاب السياسي الحاد حول ملفي الهجرة والأمن القومي، خاصة في عام انتخابي. أما التأثير الأوسع، فقد يطال مجتمع اللاجئين الأفغان في الولايات المتحدة، الذين قد يواجهون موجة جديدة من التدقيق والتشكيك، مما قد يعقد عملية اندماجهم ويؤثر على مستقبل برامج اللجوء وإعادة التوطين المخصصة لحلفاء أمريكا السابقين.