يواصل مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دورته لعام 2025 ترسيخ مكانة المملكة العربية السعودية كوجهة ثقافية وفنية رائدة على الخارطة العالمية. وتحت شعار "في حب السينما"، انطلقت فعاليات المهرجان في مدينة جدة خلال الفترة من 4 إلى 13 ديسمبر، وسط حضور لافت لنخبة من ألمع نجوم وصنّاع الفن السابع من مختلف أنحاء العالم، مما يعكس التطور المتسارع الذي يشهده قطاع السينما في المنطقة.
وفي خطوة تؤكد القيمة الفنية العالية التي يقدمها المهرجان لجمهوره، تم الإعلان عن عرض خاص وحصري للفيلم الملحمي "اقتل بيل: العلاقة الدموية الكاملة" (Kill Bill: The Whole Bloody Affair) للمخرج الأمريكي الشهير كوينتن تارانتينو. ويُعد هذا الحدث هو العرض الأول لهذه النسخة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث سيتمكن عشاق السينما من مشاهدة العمل في 12 ديسمبر بميدان الثقافة في منطقة جدة التاريخية (البلد). ويأتي هذا العرض بالتزامن مع طرح الفيلم في أكثر من 1000 دار عرض في الولايات المتحدة، مما يضع جمهور جدة في قلب الحدث السينمائي العالمي، ويعكس ثقة المخرجين العالميين في المهرجان كمنصة رئيسية لإطلاق أعمالهم.
وعلى صعيد التكريمات التي تحتفي بتاريخ السينما، شهدت أروقة المهرجان لحظات استثنائية بتكريم أيقونة السينما الهندية "ريخا"، في ظهور نادر للنجمة القديرة خارج بلادها. وقد تسلمت ريخا درع التكريم من الرئيس التنفيذي لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي، فيصل بالطيور، تقديرًا لمسيرتها الفنية الحافلة التي ألهمت أجيالًا من الممثلين. واحتفاءً بهذا الإنجاز، تضمن البرنامج عرض النسخة المرممة من فيلمها الكلاسيكي الخالد "أومراو جان" ضمن قسم "كنوز البحر الأحمر"، وهو القسم المعني بحفظ التراث السينمائي العالمي وترميم الروائع الفنية لضمان بقائها للأجيال القادمة.
وتكتسب هذه الدورة أهمية خاصة في سياق التحولات الثقافية التي تشهدها المملكة ضمن رؤية 2030، حيث يلعب المهرجان دورًا محوريًا في دعم الاقتصاد الإبداعي وتنمية المواهب المحلية. فمنذ انطلاقه، لم يكتفِ المهرجان بكونه سجادة حمراء للنجوم، بل تحول إلى حاضنة حقيقية لصناعة الأفلام عبر صناديق الدعم وسوق الأفلام، مما ساهم في خلق بيئة خصبة للإنتاج السينمائي السعودي والعربي، وفتح قنوات للحوار الثقافي بين الشرق والغرب.
علاوة على ذلك، يبرز اختيار منطقة "جدة التاريخية"، المسجلة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، لاحتضان جانب من الفعاليات، ليعكس التناغم الفريد بين أصالة الماضي وحداثة المستقبل. هذا المزج بين سحر العمارة الحجازية وبريق السينما العالمية يمنح المهرجان هوية بصرية وثقافية متفردة تميزه عن غيره من المهرجانات الدولية، ويساهم في تنشيط السياحة الثقافية في المنطقة، جاعلًا من جدة نقطة التقاء عالمية لعشاق الفن والجمال.