في خطوة تمثل تحولاً جذرياً في سياسات الهجرة داخل القارة العجوز، أعلن المجلس الأوروبي، اليوم، على هامش اجتماع وزراء الداخلية للدول السبع والعشرين، عن التوصل إلى اتفاق سياسي بشأن قانون أوروبي جديد يهدف إلى إعادة صياغة منظومة التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين.
ويأتي هذا التحرك الأوروبي الموحد بهدف تسريع وتبسيط إجراءات عودة الأشخاص الذين يقيمون بشكل غير قانوني في دول الاتحاد الأوروبي، وذلك في ظل تصاعد الضغوط السياسية والاجتماعية داخل الدول الأعضاء للحد من تدفقات الهجرة غير النظامية.
سياق الأزمة والحاجة للإصلاح
لم يأتِ هذا القانون من فراغ، بل هو نتاج سنوات من النقاشات المحتدمة التي أعقبت أزمة الهجرة الكبرى في عام 2015. وتواجه دول الاتحاد الأوروبي تحديات كبيرة تتعلق بضعف معدلات تنفيذ قرارات الترحيل، حيث تشير الإحصاءات الأوروبية العامة إلى أن نسبة صغيرة فقط من المهاجرين الذين صدرت بحقهم قرارات مغادرة يتم ترحيلهم فعلياً. ويهدف التشريع الجديد إلى سد الثغرات القانونية التي كان يستغلها البعض لتجنب الترحيل، وتوحيد المعايير التي كانت تختلف بشكل كبير من دولة لأخرى.
إجراءات موحدة والتزامات صارمة
يتضمن القانون الجديد حزمة من الإجراءات الموحدة على مستوى الاتحاد الأوروبي للعودة، مما يلغي التباين في التعامل بين الدول الأعضاء. ويلزم القانون الأشخاص الذين ليس لديهم الحق في الإقامة بالامتثال الفوري لهذه الإجراءات. كما يفرض التزامات صارمة على العائدين، تشمل:
- الامتثال لقرار مغادرة البلد المضيف.
- التعاون الكامل مع السلطات المختصة.
- تقديم الوثائق الشخصية والبيانات البيومترية لتسهيل عملية تحديد الهوية.
وفي حال عدم التعاون، يمنح القانون الدول الأعضاء الضوء الأخضر لاتخاذ إجراءات عقابية، مثل رفض أو خصم بعض المنافع والحقوق الاجتماعية، أو فرض عقوبات جنائية قد تصل إلى السجن في حالات معينة.
مراكز العودة في دول ثالثة
من أبرز النقاط التي تضمنها الاتفاق، والتي قد تثير جدلاً حقوقياً، هو السماح للدول الأعضاء بإنشاء “مراكز عودة” في دول ثالثة (خارج الاتحاد الأوروبي). هذه المراكز ستكون بمثابة نقاط تجميع تستقبل المهاجرين غير الشرعيين مؤقتاً قبل إعادتهم نهائياً إلى بلدانهم الأصلية، وهو توجه يعكس رغبة أوروبا في نقل جزء من عبء إدارة ملف الهجرة إلى خارج حدودها الجغرافية.
الأمن القومي والجدول الزمني
يضع القانون الجديد الأمن القومي كأولوية قصوى، حيث ينص على إجراءات خاصة للأشخاص الذين يشكلون تهديداً للأمن العام، تشمل فرض حظر دخول يمتد لفترات طويلة أو حتى بشكل دائم، بالإضافة إلى إمكانية تمديد فترات الاحتجاز لضمان عدم هروبهم قبل الترحيل. كما يعزز القانون التعاون بين الدول الأعضاء من خلال الاعتراف المتبادل بقرارات العودة، مما يعني أن قرار الترحيل الصادر من دولة ما سيكون سارياً في جميع دول الاتحاد.
ومن المتوقع أن يدخل هذا النظام حيز التنفيذ الكامل في غضون عامين من إقرار القانون رسمياً، وهي الفترة الممنوحة للدول الأعضاء لتكييف قوانينها المحلية مع التشريعات الأوروبية الجديدة.