يواصل مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دورته الحالية بمدينة جدة، ترسيخ مكانته كواحد من أبرز الأحداث الثقافية في المنطقة، حيث شهد يومه الرابع زخمًا كبيرًا وحضورًا لافتًا لنخبة من ألمع نجوم السينما العربية والعالمية. ويأتي هذا الحدث في سياق الحراك الثقافي والفني غير المسبوق الذي تشهده المملكة العربية السعودية ضمن رؤية 2030، التي تولي اهتمامًا خاصًا بقطاع الأفلام كرافد اقتصادي وإبداعي هام.
منصة عالمية في قلب جدة التاريخية
لا يقتصر دور المهرجان على عرض الأفلام فحسب، بل يتجاوزه ليكون جسرًا للتواصل الحضاري بين الشرق والغرب. فمن قلب منطقة "البلد" التاريخية المسجلة في اليونسكو، تنطلق السرديات السينمائية لتعكس التنوع الثقافي، مما يعزز من حضور السينما العربية في المشهد الدولي ويوفر منصة للمواهب الصاعدة للتفاعل مع خبرات عالمية عريقة.
السينما السعودية تخطف الأنظار
شهد اليوم الرابع احتفاءً خاصًا بـ السينما السعودية الجديدة، حيث دُشنت السجادة الحمراء في ميدان الثقافة لعرض مجموعة من الأعمال الواعدة. برز في المقدمة العرض الأول لفيلم "نور" للمخرج عمر المقرّي، الذي يوثق رحلة اللاعب محمد نور من أزقة مكة المكرمة إلى قمة المجد الكروي. كما عُرض فيلم "رأيت رسم الرمال" للمخرج عبدالله الحمدي، الذي يدمج الواقع بالخيال في فلسفة فنية عميقة، وفيلم "دوائر الحياة" للمخرج خالد الدسيماني الذي يستكشف الذاكرة الفنية السعودية.
تنوع ثقافي في مسابقة الأفلام الطويلة
وفي إطار المسابقة الرسمية، استقبل الجمهور العرض الأول لفيلم "تراك ماما" للمخرجة الكينية زيبورا نياروري، الذي يسلط الضوء على كفاح المرأة الأفريقية. وتضمنت العروض أيضًا فيلم "بارني" للمخرج الصومالي محمد شيخ، وفيلم "يونان" للمخرج السوري أمير فخر الدين، الذي يعالج قضايا الاغتراب والبحث عن الذات، مما يعكس التزام المهرجان بطرح قضايا إنسانية ملحة.
عودة هيفاء المنصور وكلاسيكيات مرممة
من أبرز محطات اليوم كان العرض الأول لفيلم "المجهولة" للمخرجة السعودية الرائدة هيفاء المنصور، التي تعود لتقديم قصة اجتماعية حول البحث عن البدايات الجديدة. وعلى صعيد الكلاسيكيات، عُرضت النسخة المرممة للفيلم الهندي الشهير "أومراو جان" (1981)، تأكيدًا على دور المهرجان في حفظ التراث السينمائي العالمي.
جلسات حوارية ترسم مستقبل الصناعة
أثرت الجلسات الحوارية أجواء المهرجان، بمشاركة قامات سينمائية مثل المخرج الأمريكي شون بيكر، والممثلة المصرية مي عمر. وقد خطفت المخرجة اللبنانية نادين لبكي الأضواء بحديثها عن فلسفة التمثيل، قائلة: "الإنسان هو مصدر إلهامي الرئيسي… السينما مهنة نبيلة لا تحقّق هدفها إلا بلمس مشاعر الإنسان وتغيير واقعه"، مشددة على قدرة الفن في إحداث تغيير مجتمعي ملموس.