سجلت أسعار النحاس قفزة نوعية غير مسبوقة في تاريخ الأسواق العالمية، حيث لامس المعدن الأحمر مستويات قياسية جديدة خلال تعاملات اليوم الإثنين، مدفوعاً بموجة من المضاربات الاستثمارية التي تراهن على استمرار نقص المعروض العالمي وتزايد الطلب الاستراتيجي.
أرقام قياسية وزخم في الأسواق
شهدت بورصة لندن للمعادن تذبذباً في الأسعار بعد أن سجل النحاس ذروة تاريخية بلغت 11,705 دولارات للطن في الجلسة السابقة. ويأتي هذا الارتفاع اللافت ليعزز مكاسب المعدن الذي صعد بأكثر من 30% منذ بداية العام الجاري، مدعوماً بتوقعات متفائلة من مؤسسات مالية كبرى مثل “سيتي جروب”، التي أشارت إلى اختلال واضح في التوازن بين العرض والطلب العالمي.
السياق الاقتصادي: لماذا النحاس الآن؟
لا يعد هذا الارتفاع مجرد حدث عابر في أسواق السلع، بل يعكس تحولاً جوهرياً في الاقتصاد العالمي. يُعرف النحاس بلقب “دكتور نحاس” لقدرته على تشخيص صحة الاقتصاد العالمي، كونه يدخل في كافة الصناعات الحيوية. وتعود أهمية الحدث الحالي إلى الدور المحوري الذي يلعبه النحاس في التحول الطاقي؛ فهو المكون الأساسي في صناعة السيارات الكهربائية، توربينات الرياح، والألواح الشمسية، مما يجعل الطلب عليه مسألة أمن طاقة عالمي وليس مجرد سلعة تجارية.
أزمة المخزونات والمخاوف الأمريكية
تسارعت وتيرة الصعود في الأسابيع الأخيرة نتيجة مخاوف جيوسياسية وتجارية، أبرزها التوقعات بفرض رسوم جمركية جديدة على الواردات في الولايات المتحدة العام المقبل. هذا السيناريو دفع التجار إلى تكديس المخزونات ونقل المعادن إلى المستودعات الأمريكية، مما أدى إلى استنزاف المخزونات في الأسواق الرئيسية الأخرى وخلق ما يشبه “أزمة إمداد” تضغط على الأسعار نحو الأعلى.
توقعات المستقبل: هل نرى 12,000 دولار؟
في مذكرة بحثية حديثة، أوضح محللون من شركة “سيتيك سيكيوريتيز” الصينية أن الأسعار الحالية قد لا تكون السقف النهائي. وأشاروا إلى أن متوسط الأسعار يحتاج لتجاوز حاجز 12,000 دولار للطن ليكون حافزاً كافياً لشركات التعدين لضخ استثمارات جديدة في مناجم إضافية. وبدون هذه الاستثمارات، يتوقع المحللون بقيادة “آو تشونج” عجزاً في المعروض من النحاس المكرر قد يصل إلى 450,000 طن بحلول عام 2026.
تأثيرات متباينة على المعادن الأخرى
وبينما يحلق النحاس عالياً، شهدت المعادن الصناعية الأخرى تبايناً في الأداء، حيث تراجع الألومنيوم بنسبة 0.2%، في ظل ترقب المستثمرين لبيانات التجارة الصينية بحثاً عن مؤشرات حول تعافي ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والذي يعد المستهلك الأكبر للمعادن صناعياً.
