يحتفي العالم في السابع من ديسمبر من كل عام بـ اليوم العالمي للطيران المدني، وهي مناسبة لا تمر في المملكة العربية السعودية مرور الكرام، بل تشكل محطة سنوية لاستعراض مسيرة تحول استراتيجي غير مسبوقة، تهدف إلى جعل المملكة مركزاً لوجستياً عالمياً يربط القارات الثلاث، وذلك تماشياً مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.
سياق تاريخي وأهمية عالمية
يعود تاريخ هذا الاحتفاء إلى عام 1994، حيث أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) تخليداً لذكرى توقيع اتفاقية شيكاغو للطيران المدني الدولي عام 1944. ويهدف هذا اليوم إلى تعزيز الوعي العالمي بأهمية الطيران المدني في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للدول، ودوره الحيوي في تعزيز شبكة النقل العالمية. وفي هذا العام، يركز الشعار العالمي على "الابتكار من أجل طيران مستدام"، وهو ما يتناغم كلياً مع التوجهات السعودية الحديثة.
استراتيجية وطنية بأرقام قياسية
لا تكتفي المملكة بالمشاركة البروتوكولية، بل تقود حراكاً فعلياً من خلال الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية. وتسعى الهيئة العامة للطيران المدني لتحقيق أرقام طموحة تتمثل في الوصول إلى 330 مليون مسافر سنوياً بحلول عام 2030، وزيادة الوجهات الجوية لتصل إلى أكثر من 250 وجهة دولية. هذا التوسع لا يخدم قطاع النقل فحسب، بل يعد رافداً أساسياً لقطاعي السياحة والحج والعمرة، مما يعزز من تنويع مصادر الدخل الوطني بعيداً عن النفط.
مشاريع عملاقة تعيد تشكيل الخارطة
تترجم المملكة هذه الرؤية عبر مشاريع بنية تحتية ضخمة، يأتي في مقدمتها مطار الملك سلمان الدولي في الرياض، المخطط له أن يكون واحداً من أكبر المطارات في العالم، ليمثل بوابة عصرية ومستدامة تعكس الوجه الحضاري للمملكة. وبالتوازي مع ذلك، يبرز إطلاق الناقل الوطني الجديد "طيران الرياض" (Riyadh Air)، الذي يستعد لإحداث ثورة في مفهوم السفر الجوي، مكملاً بذلك منظومة النقل الجوي السعودية لتعزيز التنافسية الإقليمية والدولية.
الابتكار والاستدامة: ركائز المستقبل
وفي سياق مواكبة التطور التقني، تحرص الهيئة العامة للطيران المدني على دمج أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي لضمان سلامة وكفاءة العمليات. يشمل ذلك تبني البوابات الذكية، وأنظمة إدارة الأمتعة الآلية، واستكشاف مستقبل التنقل الجوي المتقدم مثل طائرات الإقلاع والهبوط العمودي (VTOL). وتأتي هذه الخطوات لترسخ مكانة المملكة كدولة رائدة في تبني حلول الطيران الصديقة للبيئة، محققة بذلك التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة، ومؤكدة التزامها بالمعايير الدولية التي تضعها منظمة "الإيكاو".