تعرضت قافلة تضم صهاريج وقود لهجوم مسلح عنيف بالقرب من بلدة بوجوني في جنوب مالي، مما أسفر عن احتراق 15 شاحنة على الأقل، وذلك في تطور أمني خطير يهدد بتفاقم أزمة الطاقة في البلاد. وأفادت مصادر ميدانية ومحلية بأن القافلة كانت تسير تحت حماية وحدات من الجيش المالي متجهة نحو العاصمة باماكو، قبل أن تقع في كمين محكم نصبه مسلحون مجهولون.
ووفقاً للتفاصيل الواردة، فقد اندلعت النيران في الشاحنات المستهدفة فور وقوع الهجوم، بينما تمكنت بعض المركبات الأخرى من الإفلات والعودة أدراجها نحو العاصمة التي تبعد حوالي 160 كيلومتراً عن موقع الحادث. ويأتي هذا الهجوم المباغت لينهي فترة هدوء نسبي استمرت لنحو 15 يوماً، كانت قد أنعشت الآمال بتحسن تدفق إمدادات الوقود إلى العاصمة والمدن الكبرى، التي تعاني أصلاً من نقص حاد في المشتقات النفطية.
الأهمية الاستراتيجية وتأثير الهجوم
يكتسب هذا الهجوم أهمية خاصة نظراً لموقعه الجغرافي؛ حيث تقع بوجوني على طريق حيوي يربط مالي بالدول الساحلية المجاورة، وتعتبر شرياناً رئيسياً لنقل البضائع والوقود في دولة حبيسة لا تملك منافذ بحرية. ويشير استهداف قوافل الإمداد في المناطق الجنوبية، التي كانت تعتبر تاريخياً أكثر أماناً من الشمال والوسط، إلى تحول في تكتيكات الجماعات المسلحة يهدف إلى خنق العاصمة اقتصادياً وضرب البنية التحتية اللوجستية.
تداعيات أزمة الطاقة في مالي
من المتوقع أن يلقي هذا الحادث بظلاله القاتمة على الوضع الاقتصادي والمعيشي في مالي. تعتمد البلاد بشكل كلي على استيراد الوقود عبر الشاحنات لتشغيل محطات توليد الكهرباء وتسيير عجلة الاقتصاد. وتواجه مالي بالفعل أزمة طاقة خانقة، حيث تعجز شركة الكهرباء الوطنية عن تلبية الطلب المتزايد، مما يؤدي إلى انقطاعات طويلة للتيار الكهربائي تؤثر على المستشفيات والمصانع والمنازل. ومن شأن تكرار مثل هذه الهجمات أن يرفع تكاليف النقل والتأمين، ويزيد من ندرة الوقود في الأسواق المحلية.
السياق الأمني والسياسي
تعيش مالي منذ عام 2012 في دوامة من العنف وعدم الاستقرار، بدأت بتمرد في الشمال ثم توسعت لتشمل جماعات مرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش في وسط البلاد، ومؤخراً بدأت الهجمات تقترب من الجنوب والعاصمة باماكو. ورغم الجهود العسكرية التي تبذلها السلطات الانتقالية في مالي، والاستعانة بشركاء دوليين جدد لتعزيز الأمن، إلا أن تأمين طرق التجارة الطويلة يظل تحدياً لوجستياً وأمنياً كبيراً في ظل اتساع رقعة العمليات المسلحة.