شهدت المنطقة الحدودية الفاصلة بين ولاية ألاسكا الأمريكية وأقصى غرب كندا، يوم السبت، نشاطاً زلزالياً مكثفاً أثار قلق المراصد الجيولوجية، حيث ضرب زلزال عنيف بلغت قوته 7 درجات على مقياس ريختر منطقة جبلية وعرة وقليلة السكان، وفقاً لما أعلنه معهد الجيوفيزياء الأمريكي (USGS).
وحدد المعهد مركز الزلزال الرئيسي عند الساعة 20:41 بتوقيت غرينتش، مشيراً إلى أنه وقع على عمق ضحل يبلغ حوالي 10 كيلومترات فقط، مما يزيد عادة من الشعور بشدة الاهتزاز فوق سطح الأرض. ووقع المركز بالقرب من الساحل عند الحدود الفاصلة بين ألاسكا وإقليم يوكون الكندي، وتحديداً على بعد نحو 250 كيلومتراً غرب مدينة وايتهورس (عاصمة يوكون)، وحوالي 370 كيلومتراً شمال غرب مدينة جونو (عاصمة ولاية ألاسكا).
هزات ارتدادية وموقف التسونامي
لم يتوقف النشاط الزلزالي عند الهزة الرئيسية، حيث رصدت أجهزة الاستشعار وقوع هزتين ارتداديتين قويتين في الدقائق التي تلت الزلزال الأول، بلغت قوتهما 5.6 و5.3 درجة على التوالي، مما يشير إلى نشاط تكتوني ملحوظ في تلك المنطقة. وعلى الرغم من وقوع الزلزال بالقرب من ساحل المحيط الهادئ، سارع المركز الأمريكي للتنبيه من التسونامي إلى طمأنة السكان والسلطات، مؤكداً أنه لم يتم إصدار أي تحذير من حدوث موجات مد عاتية (تسونامي) تهدد السواحل الأمريكية أو الكندية.
سياق جيولوجي: حزام النار
تأتي هذه الزلازل ضمن السياق الطبيعي للمنطقة المعروفة جيولوجياً بوقوعها ضمن “حزام النار” في المحيط الهادئ، وهي منطقة تمتد على شكل حدوة حصان حول حوض المحيط الهادئ وتتميز بنشاط زلزالي وبركاني مرتفع للغاية. وتحدث هذه الزلازل نتيجة حركة الصفائح التكتونية المستمرة، حيث تنزلق صفيحة المحيط الهادئ تحت صفيحة أمريكا الشمالية، مما يؤدي إلى تراكم الضغط الجيولوجي الذي يتحرر فجأة على شكل زلازل.
تاريخ ألاسكا الزلزالي
تعتبر ولاية ألاسكا واحدة من أكثر المناطق نشاطاً زلزالياً في الولايات المتحدة والعالم. وتستحضر هذه الأحداث ذكريات تاريخية لسكان المنطقة، أبرزها “زلزال ألاسكا العظيم” عام 1964، الذي بلغت قوته 9.2 درجة، وكان ثاني أقوى زلزال تم تسجيله في التاريخ الحديث، وتسبب حينها في دمار واسع وموجات تسونامي مدمرة. إلا أن الزلزال الحالي، رغم قوته، وقع في منطقة نائية ذات كثافة سكانية منخفضة جداً، مما يقلل بشكل كبير من احتمالية وقوع خسائر بشرية أو مادية جسيمة مقارنة بالزلازل التي تضرب المناطق الحضرية المكتظة.
وتستمر الهيئات المختصة في كندا والولايات المتحدة في مراقبة الوضع عن كثب، لرصد أي نشاط زلزالي إضافي قد يطرأ في الساعات أو الأيام المقبلة، مع التأكيد على أهمية اتباع إرشادات السلامة العامة في المناطق القريبة من مركز الهزات.