شهدت اليونان مساء يوم الجمعة حدثاً جيولوجياً بارزاً، حيث ضرب زلزال قوي بلغت شدته 6.36 درجة على مقياس ريختر أجزاء من البلاد، مما أثار حالة من الترقب والحذر في المنطقة. ووفقاً للبيانات الصادرة عن المركز الألماني لأبحاث علوم الأرض (GFZ)، فإن مركز الزلزال كان على عمق ضحل جداً يبلغ 10 كيلومترات فقط، وهو ما يزيد عادة من شعور السكان بقوة الهزة الأرضية مقارنة بالزلازل العميقة.
تفاصيل الهزة الأرضية
سجلت محطات الرصد الزلزالي الهزة في وقت متأخر من مساء الجمعة، ورغم القوة النسبية للزلزال التي تجاوزت 6 درجات، لم ترد حتى اللحظة تقارير رسمية تفيد بوقوع خسائر بشرية أو أضرار مادية جسيمة في البنية التحتية. وتعتبر الزلازل التي تحدث على أعماق ضحلة (مثل 10 كم) أكثر خطورة محتملة لأن الطاقة الزلزالية لا تجد مسافة كافية للتشتت قبل الوصول إلى السطح، مما يجعل تأثيرها الاهتزازي أكبر في المناطق القريبة من المركز.
السياق الجيولوجي: لماذا اليونان؟
تعد اليونان واحدة من أكثر الدول نشاطاً زلزالياً في القارة الأوروبية والعالم، وذلك نظراً لموقعها الجغرافي المعقد جيولوجياً. تقع البلاد عند نقطة التقاء صفيحتين تكتونيتين رئيسيتين: الصفيحة الأفريقية والصفيحة الأوراسية. تتحرك الصفيحة الأفريقية ببطء نحو الشمال لتغوص تحت الصفيحة الأوراسية فيما يعرف بـ “القوس الهيليني”، وهذا الاحتكاك المستمر والضغط الهائل المتولد عبر ملايين السنين هو المسبب الرئيسي للنشاط الزلزالي المتكرر في المنطقة.
تاريخ من النشاط الزلزالي
تاريخياً، شهدت منطقة البحر الأبيض المتوسط واليونان تحديداً العديد من الزلازل القوية التي شكلت وعياً كبيراً لدى السلطات والمواطنين بضرورة الاستعداد. ونتيجة لذلك، تطبق اليونان معايير صارمة في قوانين البناء لمقاومة الزلازل، مما يساهم غالباً في تقليل حجم الخسائر مقارنة بدول أخرى قد تتعرض لزلازل بنفس القوة. ومع ذلك، تبقى الحيطة والحذر أمراً ضرورياً، حيث غالباً ما تتبع الزلازل الكبيرة هزات ارتدادية (Aftershocks) قد تستمر لأيام أو أسابيع.
التأثير الإقليمي والمتابعة
عادة ما تشعر الدول المجاورة بآثار الزلازل التي تضرب اليونان، خاصة تلك التي تقع في حوض البحر المتوسط مثل تركيا وإيطاليا، وأحياناً تصل الترددات إلى سواحل شمال أفريقيا ومصر، اعتماداً على قوة الزلزال وموقعه الدقيق. وتواصل السلطات اليونانية وفرق الحماية المدنية مسح المناطق المتأثرة للتأكد من سلامة السكان والمنشآت، مع دعوات لاتباع إرشادات السلامة العامة والابتعاد عن المباني القديمة أو المتصدعة تحسباً لأي طارئ.