في حادثة مأساوية جديدة تسلط الضوء على استمرار أزمة الهجرة غير النظامية عبر البحر الأبيض المتوسط، أعلن مسؤول في خفر السواحل اليوناني عن مصرع 18 مهاجرًا إثر انقلاب قاربهم قبالة السواحل اليونانية. الحادث وقع تحديدًا على بعد حوالي 40 كيلومترًا (ما يعادل 25 ميلًا بحريًا) جنوب جزيرة كريسي، وهي جزيرة صغيرة غير مأهولة تقع جنوب جزيرة كريت الكبرى.
تفاصيل عملية الإنقاذ والمأساة
وفقًا للمعلومات الرسمية، لم ينجُ من هذا الحادث المروع سوى شخصين فقط، مما يشير إلى حجم الكارثة وصعوبة الظروف التي واجهها الضحايا. وقد بدأت خيوط المأساة تتكشف عندما رصدت سفينة شحن تركية كانت تبحر في المنطقة القارب المنكوب أولًا. قامت طاقم السفينة التركية بإبلاغ السلطات اليونانية فورًا، مما استدعى تحركًا سريعًا من قبل فرق الإنقاذ.
وقد تم نقل الناجيين الاثنين بواسطة مروحية تابعة للقوات الجوية اليونانية إلى جزيرة كريت لتلقي الرعاية الطبية اللازمة، حيث غالبًا ما يعاني الناجون في مثل هذه الحوادث من الجفاف، الصدمة النفسية، وانخفاض حاد في درجات حرارة الجسم نتيجة البقاء في المياه لفترات طويلة.
خلفية أزمة الهجرة في بحر إيجة
تأتي هذه الحادثة لتضاف إلى سجل طويل ومؤلم من حوادث الغرق في بحر إيجة والبحر المتوسط. وتعد اليونان إحدى البوابات الرئيسية للمهاجرين واللاجئين القادمين من الشرق الأوسط، آسيا، وأفريقيا، والراغبين في الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي بحثًا عن حياة أفضل أو هربًا من النزاعات المسلحة.
على الرغم من تراجع أعداد المهاجرين مقارنة بذروة الأزمة في عامي 2015 و2016، إلا أن محاولات العبور لم تتوقف. ويلجأ المهربون غالبًا إلى استخدام قوارب متهالكة، مطاطية أو خشبية قديمة، غير مجهزة لمواجهة الأمواج العاتية والرياح القوية التي تشتهر بها هذه المنطقة البحرية، خاصة في المناطق المفتوحة جنوب الجزر اليونانية.
المخاطر والتحديات الإقليمية
تُبرز هذه الحادثة المخاطر الجمة التي يواجهها المهاجرون خلال رحلاتهم البحرية. فالمنطقة الواقعة جنوب جزيرة كريت وكريسي تتميز بتيارات بحريّة قوية وعمق كبير للمياه، مما يجعل عمليات البحث والإنقاذ معقدة للغاية، ويقلل من فرص النجاة في حال انقلاب القوارب.
وتواجه السلطات اليونانية، بدعم من وكالة الحدود الأوروبية (فرونتكس)، تحديات مستمرة في مراقبة الحدود البحرية الشاسعة. وتثير هذه الحوادث المتكررة دعوات مستمرة من المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية لضرورة إيجاد ممرات آمنة للمهاجرين وتكثيف جهود الإنقاذ للحد من الخسائر البشرية التي حولت البحر المتوسط إلى ما يشبه المقبرة المفتوحة.
