في حدث سينمائي استثنائي يعكس النقلة النوعية التي تشهدها صناعة الترفيه في المملكة العربية السعودية، شهد مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دورته الخامسة، العرض العالمي الأول في منطقة الشرق الأوسط للفيلم الملحمي المنتظر "محاربة الصحراء" (Desert Warrior). جاء هذا العرض يوم 6 ديسمبر 2025، ليكون درة تاج الفعاليات التي تمتد من 4 حتى 13 ديسمبر، وسط حضور لافت لنخبة من نجوم وصناع السينما حول العالم.
أضخم إنتاج سينمائي في المملكة
يُصنف فيلم "محاربة الصحراء" كواحد من أضخم الإنتاجات السينمائية التي احتضنتها أراضي المملكة العربية السعودية، حيث تم تنفيذه بدعم لوجستي ومادي كبير من هيئة الأفلام عبر برنامج الحوافز الذي يهدف إلى استقطاب الإنتاجات العالمية. ويعد الفيلم ثمرة تعاون إنتاجي ضخم بين جهات إقليمية وعالمية، في مقدمتها "أستوديوهات MBC" وشركة "JB Pictures"، مما يعكس تكامل المنظومة الفنية وقدرة المملكة على بناء شراكات دولية راسخة في هذا القطاع الحيوي.
السياق التاريخي: ملحمة ذي قار الخالدة
تدور أحداث الفيلم في إطار درامي تاريخي مشوق يعود بالمشاهدين إلى القرن السابع الميلادي في شبه الجزيرة العربية. يستوحي العمل قصته من وقائع تاريخية حقيقية، حيث يسلط الضوء على مرحلة مفصلية تمثلت في توحيد القبائل العربية لمواجهة نفوذ الإمبراطورية الساسانية (الفرس). يركز السرد القصصي على شخصية الأميرة "هند"، التي لعبت دوراً محورياً في حشد الهمم وتوحيد الصفوف في ملحمة تحاكي أجواء "يوم ذي قار" الشهير، مما يضفي على العمل بعداً ثقافياً وتراثياً عميقاً يبرز الشجاعة والدهاء العربي في تلك الحقبة.
طاقم عالمي وبنية تحتية متطورة
يقود هذا العمل المخرج العالمي روبرت ويات، ويشارك في بطولته نخبة من النجوم العرب والعالميين، من بينهم عايشة هارت، شارلتو كوبلي، والنجم السوري غسان مسعود، بالإضافة إلى المواهب السعودية الصاعدة مثل سعيد بمذوغه وعمر العطاوي. وقد تم تصوير مشاهد الفيلم في مواقع خلابة بمدينتي تبوك ونيوم، حيث استغلت العدسات التضاريس الجغرافية الفريدة من صحاري وجبال، لتكون الطبيعة بطلاً موازياً في العمل، مما يؤكد جاهزية البنية التحتية السعودية لاستضافة أعقد عمليات التصوير السينمائي.
التأثير الاقتصادي والثقافي
لا يقتصر عرض "محاربة الصحراء" على كونه حدثاً فنياً فحسب، بل يحمل دلالات اقتصادية وثقافية هامة. فهو يرسخ مكانة المملكة كوجهة رئيسية للإنتاج السينمائي العالمي، قادرة على منافسة مواقع التصوير التقليدية حول العالم. كما يساهم هذا النجاح في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لقطاع الأفلام السعودي، وخلق فرص عمل للكوادر الوطنية، فضلاً عن دوره في تصدير الثقافة والتاريخ العربي إلى الجمهور العالمي بصورة بصرية مبهرة وتقنيات عالية الجودة.