شهدت الساحة الأوكرانية تصعيداً عسكرياً خطيراً يوم السبت، حيث أعلنت السلطات في كييف عن تعرض البلاد لموجة جديدة ومكثفة من الضربات الجوية الروسية التي استهدفت بشكل مباشر البنى التحتية الحيوية، وتحديداً منشآت الطاقة، مما أسفر عن انقطاع خدمات التدفئة والمياه عن آلاف المنازل في عدة مناطق، في خطوة تعيد للأذهان استراتيجية استهداف الشبكات الكهربائية.
هجوم جوي واسع النطاق
وفي تفاصيل الهجوم، كشفت القوات الجوية الأوكرانية عن أرقام صادمة لحجم الاستهداف، مؤكدة أن الأجواء الأوكرانية تعرضت لهجوم بـ 653 طائرة مسيّرة و51 صاروخاً خلال ساعات الليل فقط. وقد امتدت رقعة القصف لتشمل مناطق جغرافية واسعة، حيث أفاد مسؤولون بأن المسيرات والصواريخ طالت مواقع للطاقة في مناطق تشيرنيهيف في الشمال، وزابوريجيا في الجنوب، ولفيف في أقصى الغرب، بالإضافة إلى دنيبروبيتروفسك في الشرق والوسط، مما يشير إلى شمولية الهجوم وتنسيقه العالي.
خسائر في البنية التحتية والسكك الحديدية
من جانبه، علق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن “الأهداف الرئيسية لهذه الضربات كانت، مرة أخرى، منشآت الطاقة”، معتبراً أن “هدف روسيا هو إلحاق المعاناة بملايين الأوكرانيين” من خلال حرمانهم من الخدمات الأساسية. وأكد زيلينسكي أن الهجمات لم تقتصر على محطات الكهرباء، بل طالت قطاع النقل، حيث ضربت طائرات مسيّرة “المبنى الرئيسي لمحطة قطار فاستيف” وأحرقته بالكامل، وهي مدينة استراتيجية تقع على بُعد حوالي 70 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة. وقد أكدت شركة السكك الحديد الوطنية الأوكرانية “أوكرزاليزنيتسيا” حدوث اضطرابات مؤقتة في حركة القطارات صباح السبت نتيجة لهذه الاستهدافات.
السياق السياسي: مفاوضات تحت النار
تأتي هذه الهجمات العنيفة في توقيت حساس للغاية، حيث تزامنت مع إجراء مفاوضين أوكرانيين وأميركيين محادثات مكثفة لليوم الثالث على التوالي في فلوريدا حول خطة واشنطن الهادفة إلى إنهاء الحرب. هذا التزامن بين التصعيد الميداني والتحرك الدبلوماسي يعكس تعقيد المشهد، حيث تسعى الأطراف المختلفة لتحسين شروط التفاوض عبر الضغط العسكري. وتستمر الحرب مع روسيا منذ حوالي أربع سنوات، في ظل استمرار القوات الروسية في التقدم على خطوط الجبهة وتنفيذ حملات قصف ليلية منتظمة.
الرواية الروسية وأبعاد الصراع
في المقابل، بررت موسكو هذه الهجمات عبر بيان صادر عن وزارة الدفاع الروسية، أكدت فيه أن الضربات كانت دقيقة واستهدفت شركات تعمل ضمن “المجمع الصناعي العسكري الأوكراني وبنى تحتية للطاقة تدعم عمله”. كما أشارت الوزارة إلى استهداف منشآت موانئ تُستخدم “لصالح القوات المسلحة الأوكرانية”، مما يوضح إصرار روسيا على ضرب القدرات اللوجستية والصناعية التي تمكن كييف من مواصلة القتال.
ويُعد استهداف البنية التحتية للطاقة تكتيكاً متكرراً في هذا النزاع، حيث يؤدي إلى شلل في القطاعات الاقتصادية ويزيد من الأعباء الإنسانية على المدنيين، خاصة مع اقتراب المواسم الباردة أو خلال فترات الذروة، مما يجعل ملف الطاقة ورقة ضغط رئيسية في الحرب الدائرة.