يشكّل نظام "الصوت الذهبي" في انتخابات مجالس إدارات الأندية السعودية واحدًا من أبرز الموضوعات الشائكة التي تثير نقاشاً واسعاً ومستمراً بين الخبراء والمهتمين بالشأن الرياضي. وعلى الرغم من أن الفلسفة الأساسية وراء استحداث هذه العضوية كانت تهدف بشكل رئيسي إلى دعم الأندية ماليًا، وتعزيز مواردها الذاتية، وتشجيع رجال الأعمال والمحبين على ضخ السيولة في خزائن الأندية، إلا أن التطبيق العملي لهذه الآلية أفرز واقعاً انتخابياً معقداً أظهر تفاوتاً هائلاً في موازين القوى، مما يستدعي وقفة جادة لإعادة النظر في اللوائح المنظمة لتحقيق التوازن المنشود.
آلية الصوت الذهبي وتأثيرها على المشهد الانتخابي
تمنح العضوية الذهبية صاحبها قوة تصويتية تعتمد على حجم المساهمة المالية، وهو ما يمنحه تأثيراً انتخابياً كاسحاً يفوق أحيانًا مجموع أصوات العشرات، بل والمئات من الأعضاء العاديين والجماهير. وفي ظل عدم وجود سقف محدد لعدد الأصوات أو العضويات التي يمكن أن يمتلكها الفرد بناءً على دعمه المالي، أصبح من الممكن لعدد محدود جداً من الأعضاء المقتدرين مالياً حسم نتائج الانتخابات مبكراً، وتوجيه الدفة نحو قائمة محددة، بينما يظل تأثير الأعضاء العاديين هامشياً ومحدوداً، رغم أنهم يمثلون الشريحة الأوسع من الجماهير العاشقة للكيان.
السياق التاريخي والتحولات في الرياضة السعودية
لفهم أبعاد هذه القضية، يجب النظر إليها في سياق التحولات الكبرى التي تشهدها الرياضة في المملكة العربية السعودية. فمع انطلاق رؤية 2030، وتوجه وزارة الرياضة نحو تعزيز الحوكمة والشفافية، والبدء في مشروع تخصيص الأندية الرياضية، كان لابد من إيجاد صيغ قانونية تضمن تدفق الأموال. إلا أن هذا التوجه اصطدم بمسألة "العدالة الانتخابية". فالتفاوت الكبير في القوة التصويتية قد يقلل من شعور الأعضاء بالانتماء والمشاركة الفعالة، ويجعل عملية الانتخابات تبدو وكأنها محسومة سلفاً لمن يدفع أكثر، مما يضعف مفهوم الجمعية العمومية كسلطة عليا تراقب وتحاسب وتختار الأنسب فنياً وإدارياً، لا مالياً فقط.
نحو نظام انتخابي متوازن ومستدام
إن الدعوة لمراجعة نظام الصوت الذهبي لا تعني بأي حال من الأحوال تهميش دور الداعمين أو التقليل من أهمية مساهماتهم المالية التي تعتبر عصب الحياة للأندية، بل هي دعوة لضبط المعيار بما يضمن العدالة. يمكن تحقيق ذلك من خلال وضع سقف أعلى للأصوات التي يمتلكها العضو الواحد مهما بلغ دعمه، أو تخصيص نسبة مئوية محددة من قوة التصويت للأعضاء الذهبيين مقابل نسبة للأعضاء العاديين، مما يخلق توازناً صحياً بين "رأس المال" و"الإرادة الجماهيرية".
في الختام، يظل تعزيز العدالة والشفافية في النظام الانتخابي جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية تطوير القطاع الرياضي في المملكة. إن الوصول إلى صيغة توافقية تضمن حقوق الداعمين وتحترم أصوات الجماهير سيساهم بلا شك في تعزيز شرعية الإدارات المنتخبة، ويقوي الثقة بين المدرج وصناع القرار، مما يصب في النهاية في مصلحة استقرار الأندية وتطور أدائها التنافسي محلياً وقارياً.