في خطوة تعكس التزام المملكة العربية السعودية بقيادة الجهود الدولية لمواجهة التحديات البيئية، تحولت جائزة الابتكار العالمية في المياه (GPIW)، التي أطلقتها الهيئة السعودية للمياه، إلى محرك رئيسي لدفع عجلة التطوير التقني في قطاع المياه عالمياً. ففي غضون ثلاث سنوات فقط، انتقلت الجائزة من كونها مبادرة متخصصة لتصبح منصة دولية كبرى تستقطب العقول المبتكرة من كافة قارات العالم، مما يرسخ مكانة المملكة كمركز عالمي للحلول المستدامة.
قفزات نوعية في أرقام المشاركة
شهدت الجائزة نمواً متسارعاً يعكس الثقة الدولية في المبادرات السعودية. فبعد أن انطلقت النسخة الأولى في عام 2023 بمشاركة 85 جهة، تضاعفت الأرقام بشكل لافت لتصل إلى 199 جهة في عام 2024، قبل أن تقفز إلى 316 جهة في نسخة 2025. هذا المنحنى التصاعدي لم يقتصر على عدد الجهات فحسب، بل شمل توسعاً جغرافياً غير مسبوق؛ حيث ارتفع عدد طلبات المشاركة في النسخة الثالثة لعام 2025 بنسبة نمو تجاوزت 400%، مسجلة أكثر من 2,570 طلباً من 119 دولة، مقارنة بـ 540 طلباً من 56 دولة في العام السابق.
سياق استراتيجي: المملكة تقود المشهد المائي
لا يمكن قراءة هذا النجاح بمعزل عن السياق العام والدور الريادي للمملكة العربية السعودية في قطاع المياه. بصفتها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، تدرك المملكة حجم التحديات التي يفرضها شح المياه والنمو السكاني والتغير المناخي. وتأتي هذه الجائزة كجزء من رؤية المملكة 2030 التي تضع الاستدامة البيئية والابتكار التقني في صلب أولوياتها. من خلال دعم البحث العلمي وتحفيز الابتكار، تسعى المملكة لتقليل تكلفة إنتاج المياه، ورفع كفاءة استهلاك الطاقة في عمليات التحلية، وتعظيم الاستفادة من المياه المعالجة، وهي حلول لا تخدم الداخل السعودي فحسب، بل تقدم إجابات لتحديات تواجهها البشرية جمعاء.
من المختبرات إلى التطبيق العملي
ما يميز جائزة الابتكار العالمية في المياه هو تركيزها على الجانب التطبيقي؛ فهي ليست مجرد تكريم للأبحاث النظرية، بل جسر يربط بين المختبرات البحثية والقطاع الصناعي والاستثماري. وتضم قائمة المشاركين جامعات ومراكز أبحاث من دول ذات ثقل تكنولوجي مثل الولايات المتحدة، الصين، اليابان، والمملكة المتحدة، إلى جانب دول تواجه تحديات مائية ملحة. وتركز المشاريع المتأهلة، والبالغ عددها 36 مشروعاً من 22 دولة، على تقنيات حيوية تشمل:
- تحسين كفاءة استهلاك المياه في الزراعة والصناعة.
- تقنيات متطورة لخفض التكلفة التشغيلية لتحلية المياه.
- حلول مبتكرة لمعالجة المياه وإعادة استخدامها بطرق آمنة ومستدامة.
ترقب عالمي لإعلان الفائزين
تتجه الأنظار يوم الاثنين المقبل، 8 ديسمبر، إلى مدينة جدة، حيث سيتم الإعلان عن الفائزين في النسخة الثالثة. هذا الحدث لا يمثل نهاية لمرحلة التنافس فحسب، بل بداية لمرحلة جديدة من تبني هذه التقنيات وتطبيقها على أرض الواقع. إن نجاح الجائزة في استقطاب هذا الكم الهائل من المشاركات يؤكد أن المملكة نجحت في سد الفجوة بين منتجي المعرفة وصناع القرار، محولةً التحديات المائية إلى فرص واعدة للاستثمار والتنمية المستدامة.