في خطوة تنظيمية هامة تهدف إلى الارتقاء بمنظومة الأبحاث الطبية في المملكة العربية السعودية، أقرت الهيئة السعودية للتخصصات الصحية الدليل الإجرائي الشامل لتنظيم آلية التسجيل في "سجل ممارس البحث الإكلينيكي". وتأتي هذه الخطوة لضبط جودة الممارسات البحثية وربطها بالمعايير العالمية المعتمدة، وتحديداً معايير "الممارسة السريرية الجيدة" (GCP)، لضمان كفاءة المخرجات الصحية وسلامة المشاركين في الأبحاث.
سياق التحول الصحي ورؤية 2030
يأتي هذا الإجراء تفعيلاً للائحة عضوية الهيئة الصادرة بقرار مجلس الأمناء لعام 2024، وهو ينسجم بشكل مباشر مع مستهدفات برنامج تحول القطاع الصحي، أحد برامج رؤية المملكة 2030. حيث تسعى المملكة لتعزيز مكانتها كمركز إقليمي وعالمي للأبحاث الطبية والابتكار. ويُعد تنظيم السجلات المهنية للباحثين حجر الزاوية في بناء بيئة بحثية موثوقة تجذب الاستثمارات الدوائية العالمية وتساهم في تطوير علاجات تتناسب مع الخصائص الجينية للمجتمع المحلي.
اشتراطات التسجيل ومعايير الجودة
وضعت الهيئة معايير دقيقة للإدراج في السجل لتوحيد إجراءات الممارسين في المجالات المتشابهة. وقد اشترطت الهيئة لقبول الطلب أن يكون المتقدم مسجلاً مسبقاً في أحد السجلات المهنية المعتمدة لديها، مما يضمن أن الممارس يمتلك الأرضية المهنية الأساسية لمزاولة النشاط البحثي. وألزمت الضوابط الجديدة جميع المتقدمين بتقديم نسخة سارية من شهادة الممارسة السريرية الجيدة "GCP" كشرط أساسي لا يقبل الاستثناء لإتمام عملية التسجيل، وهي شهادة دولية تضمن التزام الباحثين بالمعايير الأخلاقية والعلمية لتصميم وإجراء وتسجيل التقارير الخاصة بالتجارب السريرية.
آلية التقديم والمدد الزمنية
تتم عملية التقديم حصرياً عبر المنصة الإلكترونية للهيئة، وتشمل خطوات إجرائية تبدأ بسداد رسوم الخدمة لتنتقل بعدها إلى مرحلة التدقيق والدراسة من قبل الإدارة المختصة. وقد حددت الهيئة مدة صلاحية التسجيل في سجل ممارس البحث الإكلينيكي بثلاث سنوات كاملة، تبدأ من تاريخ صدور الموافقة النهائية على الطلب واجتياز مراحل التحقق. كما منحت الهيئة مهلة زمنية صارمة قدرها 20 يوم عمل للمتقدمين لاستكمال أي نواقص في المستندات، حيث يتم إلغاء الطلب تلقائياً في حال عدم التجاوب خلال هذه الفترة المحددة.
الرقابة والتحقق لضمان المصداقية
تخضع كافة الوثائق المقدمة لعمليات تحقق دقيقة تشمل التواصل المباشر مع الجهات المصدرة للشهادات أو الاستعانة بجهات متخصصة لضمان مصداقية البيانات. وحذرت الهيئة من أن ظهور أي نتيجة تحقق سلبية تؤدي لرفض الطلب فوراً وإحالة الممارس إلى لجنة النظر في مخالفات الأعضاء، مما يغلظ العقوبة على التلاعب بالوثائق. ويعتمد تجديد التسجيل مستقبلاً على استمرارية وجود تسجيل مهني ساري المفعول للممارس، بالإضافة إلى إعادة تقديم شهادة الممارسة السريرية الجيدة لضمان تحديث المعرفة.
الأثر المتوقع على القطاع الصحي
من المتوقع أن يساهم هذا التنظيم في رفع جودة البيانات السريرية الصادرة من المملكة، مما يعزز الثقة الدولية في نتائج الأبحاث السعودية ويسهل عمليات اعتماد الأدوية والتقنيات الطبية الجديدة. كما أن إلزامية شهادة GCP تضمن حماية حقوق وسلامة ورفاهية المشاركين في التجارب البشرية، وهو ما يعد أولوية قصوى في الأخلاقيات الطبية العالمية.