في خطوة جديدة تؤكد طموحاتها المتنامية في مجال الفضاء والاتصالات، أعلنت الصين اليوم الجمعة عن نجاحها في إطلاق قمرين صناعيين جديدين مخصصين لاختبارات تقنيات الإنترنت الفضائي. وقد تمت عملية الإطلاق من مركز جيوتشيوان لإطلاق الأقمار الصناعية الواقع في شمال غربي البلاد، والذي يعد أحد أعرق وأهم القواعد الفضائية الصينية.
تفاصيل عملية الإطلاق والصاروخ الحامل
انطلق الصاروخ الحامل من طراز "كوايتشو-1 أيه" (Kuaizhou-1A) في تمام الساعة الخامسة مساءً بتوقيت بكين، حاملاً على متنه القمرين الصناعيين. وأكدت المصادر الرسمية أن القمرين قد دخلا مدارهما المحدد مسبقاً بنجاح تام، مما يعكس الدقة العالية التي وصلت إليها هندسة الفضاء الصينية. ويُعرف الصاروخ "كوايتشو-1 أيه" بأنه صاروخ حامل يعمل بالوقود الصلب، ويتميز بتكلفته المنخفضة نسبياً وقصر فترة التحضير للإطلاق، مما يجعله خياراً مثالياً للمهمات التجارية وإطلاق الأقمار الصناعية الصغيرة والمتوسطة إلى المدارات المنخفضة.
أهداف المهمة وتقنيات الإنترنت الفضائي
ينتمي القمران الجديدان إلى نظام متطور لتبادل البيانات في مجال الترددات الراديوية، وهي تقنية حيوية لتطوير شبكات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية. وتهدف هذه المهمة بشكل أساسي إلى إجراء اختبارات فنية لتقنيات الاتصالات الفضائية، والتحقق من كفاءة نقل البيانات بسرعات عالية من المدار. وتأتي هذه الخطوة في وقت يشهد فيه العالم سباقاً محموماً نحو بناء شبكات إنترنت فضائية عملاقة (Mega-constellations) في المدار الأرضي المنخفض، بهدف توفير تغطية إنترنت عالمية شاملة، بما في ذلك المناطق النائية والمحيطات التي يصعب الوصول إليها عبر البنية التحتية الأرضية التقليدية.
السياق الاستراتيجي والتنافس الدولي
لا يمكن فصل هذا الإطلاق عن السياق العام لبرنامج الفضاء الصيني الطموح. فبكين تسعى جاهدة لإنشاء بنيتها التحتية المستقلة للإنترنت الفضائي، لمنافسة المشاريع الغربية القائمة مثل "ستارلينك". ويعد تطوير تقنيات الأقمار الصناعية للإنترنت جزءاً لا يتجزأ من الخطة الخمسية للصين، التي تهدف إلى تعزيز السيادة الرقمية وتطوير الاقتصاد الرقمي. إن نجاح هذه التجارب يمهد الطريق لإطلاق مجموعات أكبر من الأقمار الصناعية في المستقبل القريب، مما سيعزز من قدرات الصين في مجالات الاتصالات العسكرية والمدنية على حد سواء.
الأهمية الاقتصادية والتقنية
تكتسب هذه النوعية من الأقمار الصناعية أهمية قصوى في العصر الحديث، حيث تعتمد قطاعات واسعة مثل إنترنت الأشياء (IoT)، والملاحة الذاتية، والاتصالات الطارئة أثناء الكوارث على وجود شبكة اتصالات فضائية موثوقة وسريعة. ومن خلال استخدام صواريخ تجارية فعالة مثل "كوايتشو"، تثبت الصين قدرتها على تقديم حلول اقتصادية مستدامة للوصول إلى الفضاء، مما يعزز مكانتها كلاعب رئيسي في سوق الفضاء التجاري العالمي.
