شهدت فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي جلسة حوارية استثنائية استضافت المخرج والكاتب السعودي البارز علي الكلثمي، وذلك يوم 5 ديسمبر، حيث أدار الحوار الناقد الفني أحمد العيّاد وسط حضور جماهيري وإعلامي كثيف. وتأتي هذه الجلسة لتسلط الضوء على التطورات المتسارعة التي تشهدها السينما السعودية، والتي باتت تحتل مكانة مرموقة في المحافل الدولية.
الجمهور السعودي: القوة الناعمة الأكبر في المنطقة
في تصريح يعكس واقع السوق السينمائي الحالي، أكد “الكلثمي” خلال الجلسة أن الجمهور السعودي يعد الأول والأكثر تأثيراً في الشرق الأوسط حالياً من حيث متابعة الأعمال الفنية ودعم شباك التذاكر. هذا التصريح يستند إلى حقائق ملموسة، حيث تشير الإحصائيات الأخيرة إلى نمو هائل في إيرادات شباك التذاكر السعودي، مما جعله السوق الأسرع نمواً في المنطقة، وهو ما يعزز من أهمية الإنتاج المحلي الذي أصبح ينافس الأفلام العالمية في عقر داره.
من يوتيوب إلى العالمية: رحلة تلفاز 11
استهل الكلثمي حديثه باستعراض مسيرته الفنية، موجهاً الشكر لشركاء النجاح. وتحدث بفخر عن تجربته التأسيسية عبر منصة “يوتيوب” من خلال تلفاز 11، واصفاً تلك المرحلة بأنها كانت “المدرسة الحقيقية” التي تعلم فيها أصول الصناعة أمام الجمهور مباشرة. وأشار إلى أن تلك الفترة كانت حاسمة في تشكيل الهوية الفنية لجيل كامل من صناع الأفلام السعوديين الذين وجدوا في الفضاء الرقمي متنفساً للتعبير عن الذات في وقت كانت فيه دور السينما غائبة، مما مهد الطريق للنجاحات السينمائية الحالية.
“وسطي”.. الانتصار للفن على التشدد
وتطرق الكلثمي إلى محطة مفصلية في مسيرته، وهي فيلم “وسطي” الذي أنتج عام 2016. يستند الفيلم إلى أحداث حقيقية وقعت عام 2006 خلال عرض مسرحية “وسطي بلا وسطية” في الرياض، حينما اقتحمت مجموعة من المتطرفين المسرح لإيقاف العرض. وعلق الكلثمي قائلاً: “انتصرنا على الأفكار المتشددة لحظة عرض الفيلم في نفس الموقع”. ويحمل هذا العمل رمزية تاريخية هامة، حيث يوثق مرحلة التحول الاجتماعي والثقافي التي عاشتها المملكة، وقد توج هذا النجاح بحصول الفيلم على جائزة أفضل مخرج وأفضل فيلم أجنبي في مهرجان ويليامزبورغ للأفلام المستقلة عام 2017.
“مندوب الليل” وترسيخ السينما السعودية
وفي سياق الحديث عن النقلة النوعية للأفلام الروائية الطويلة، ناقش الكلثمي نجاح فيلمه الأخير “مندوب الليل”، الذي نال استحسان النقاد وحقق أرقاماً قياسية في شباك التذاكر، بالإضافة إلى عرضه في مهرجانات عالمية مرموقة مثل مهرجان تورنتو السينمائي. وأوضح أن هذا الفيلم، إلى جانب أعمال مثل سلسلة “الخلاط” و”خمبلة”، ساهمت في صياغة صوت معاصر للسينما السعودية يعبر عن واقع المجتمع بصدق وشفافية.
واختتم الكلثمي حديثه بالتأكيد على أن جمهور “تلفاز 11” شريك أساسي في العملية الإنتاجية، مشيراً إلى أن التفاعل الجماهيري، سواء كان سلبياً أو إيجابياً، هو المحرك الرئيسي لتطوير المحتوى. ومن خلال دوره القيادي، يواصل الكلثمي رعاية جيل جديد من المبدعين، واضعاً السرديات السعودية الأصيلة على خارطة السينما العالمية.