مؤتمر الرياض للفلسفة 2025: حوار الشرق والغرب وتجديد الفكر

تغطية شاملة لجلسات مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2025، ومناقشة تفاعل الفلسفات الشرقية والغربية، وإسهامات الفلسفة الإسلامية في الفكر الإنساني المعاصر.
ديسمبر 5, 2025
9 mins read
مؤتمر الرياض للفلسفة 2025: حوار الشرق والغرب وتجديد الفكر

واصل مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2025، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، أعماله وسط حضور دولي لافت، مرسخاً مكانة العاصمة السعودية كمنصة عالمية رائدة للحوار الفكري. وتحت شعار "الفلسفة بين الشرق والغرب: المفاهيم، والأصول، والتأثيرات المتبادلة"، شهدت الجلسات نقاشات معمقة استهدفت تفكيك المركزيات التاريخية وبناء جسور معرفية جديدة بين الحضارات المختلفة.

سياق ثقافي متجدد ورؤية مستقبلية

يأتي هذا المؤتمر في سياق الحراك الثقافي غير المسبوق الذي تشهده المملكة العربية السعودية ضمن رؤية 2030، التي تولي اهتماماً خاصاً بتعزيز قطاع الثقافة والفكر، وتشجيع التبادل المعرفي مع العالم. ولم يعد الاهتمام بالفلسفة في المملكة مجرد حدث عابر، بل تحول إلى مسار استراتيجي يهدف إلى تعزيز قيم التفكير النقدي، وقبول الآخر، والمشاركة الفاعلة في إنتاج المعرفة الإنسانية، مما يعكس تحولاً جوهرياً في المشهد الثقافي المحلي والإقليمي.

نقد المركزية التاريخية وبناء المعرفة

في جلسة محورية بعنوان "الفلسفة ومركزيتها في التاريخ"، أدارها محمد العمر بمشاركة علي الرماح ومي الناهض ويوسف المبارك، تم تسليط الضوء على الدور التأسيسي للعقلانية في قراءة حركة التاريخ. وتناولت الجلسة:

  • تأثير هيغل: استعادة دوره كمؤثر رئيسي في بناء منظومات التفكير التاريخي.
  • نقد كارل بوبر: تقديم قراءة بديلة تدعو للانفتاح ونقد المركزية المطلقة، معتبرة النقد الخارجي شرطاً للتحرر من "السجون الحضارية".
  • التحول الحضاري: التأكيد على انتقال الصراع البشري من "السيوف إلى الأقلام"، مما يعزز التوجه نحو البناء المعرفي بدلاً من الهدم.

تفاعل الشرق والغرب: العودة إلى الجذور

وفي سياق استكشاف التلاقح الفكري، ناقشت جلسة "الفلسفة الشرقية ـ اليونانية"، التي أدارتها مشاعل الحماد بمشاركة المبروك الشيباني المنصوري وحامد الإقبالي وبدور الفالح، مسارات التأثير المتبادل. وأبرزت الجلسة النقاط التالية:

  • عودة الفكر الشرقي: أشارت الدراسات إلى تصاعد الاهتمام بالفكر الشرقي منذ سبعينيات القرن الماضي كأداة لنقد الحداثة الغربية.
  • مكانة ابن سينا: تم الاحتفاء به بصفته "المعلم الثالث" الذي أعاد صياغة مفهوم الوجود، مانحاً الفلسفة الإسلامية حضوراً وازناً في الفكر الغربي.
  • الحوار القرآني: تقديم قراءة تداولية للحوار في القرآن الكريم كنموذج راقٍ للمنطق الحجاجي وأصول التواصل الإنساني، جنباً إلى جنب مع نظريات أرسطو الأخلاقية.

الفلسفة الإسلامية وإشكاليات العصر الحديث

اختتمت النقاشات بجلسة "البنية الفلسفية والإسهامات المعرفية للفلسفة الإسلامية"، بمشاركة أحمد العنيزان وحصة المفرح وإدارة عيد الجهني. وتطرقت الجلسة إلى قضايا معاصرة شائكة:

  • تمثلات الشر والأدب: ربطت الجلسة بين الفكر الأخلاقي وسرديات الأدب الغربي مثل "1984" و"عالم جديد شجاع"، ومقارنتها بنماذج عربية مثل "القوقعة" و"يوتوبيا"، لتوضيح اختلاف جذور الإشكالات الفلسفية بين السياقين.
  • الفقه والأخلاق: ناقشت إمكانية بناء نظرية معيارية مستلهمة من الفقه الإسلامي توازن بين مذهبي المنفعة والواجب.
  • الحضور الأكاديمي: نقدت الجلسة اقتصار الاهتمام الغربي بالفلسفة الإسلامية على المتون الكبرى، داعية لإعادة قراءة التراث الكلامي والأصولي بمنهج حديث.

ختاماً، أكد المؤتمر أن الفلسفة تظل مشروعاً إنسانياً مشتركاً للبحث عن الحقيقة، وأن الرياض باتت تلعب دوراً محورياً في إعادة توجيه البوصلة نحو حوار فلسفي عالمي أكثر عدالة وتنوعاً.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.

حالة الطقس اليوم في السعودية: أمطار غزيرة وضباب ودرجات الحرارة
Previous Story

حالة الطقس اليوم في السعودية: أمطار غزيرة وضباب ودرجات الحرارة

عاصفة اليونان: سيول تغرق أثينا وإغلاق المدارس والطرق
Next Story

عاصفة اليونان: سيول تغرق أثينا وإغلاق المدارس والطرق

Latest from الثقافة

أذهب إلىالأعلى