اختتمت الأسهم الأوروبية تعاملات الأسبوع على نغمة إيجابية، محققة مكاسب متواضعة في جلسة الجمعة، مدفوعة بموجة من التفاؤل سادت الأسواق العالمية. ويأتي هذا الأداء المتماسك في وقت يترقب فيه المستثمرون عن كثب مسار السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث عززت بيانات التضخم الأخيرة الرهانات على خطوات تيسيرية قادمة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
وفي تفاصيل الأداء، أغلق مؤشر ستوكس 600 الأوروبي، الذي يعد المعيار الرئيسي لقياس أداء الأسهم في القارة العجوز، عند مستوى (578.87) نقطة. وسجل المؤشر بذلك ارتفاعاً أسبوعياً بنسبة (0.4%)، مواصلاً مكاسبه لثلاثة أيام متتالية. ويعكس هذا الصعود حالة من الاستقرار النسبي في الأسواق الأوروبية رغم التحديات الاقتصادية العالمية، مما يشير إلى ثقة المستثمرين في قدرة الشركات الأوروبية على التكيف مع المتغيرات الحالية.
تأثير البيانات الأمريكية والسياسات النقدية
لعبت البيانات الاقتصادية القادمة من الولايات المتحدة دوراً محورياً في توجيه معنويات المستثمرين في أوروبا. فقد أظهرت بيانات مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي ارتفاعاً طفيفاً بنسبة (0.3%) في شهر سبتمبر. هذه البيانات قرأتها الأسواق بشكل إيجابي، حيث رفعت من سقف التوقعات بأن يقوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل، حيث تشير تقديرات السوق إلى احتمالية تصل إلى (87.2%) لهذه الخطوة. ومن المعروف اقتصادياً أن خفض الفائدة الأمريكية غالباً ما يلقي بظلال إيجابية على أسواق المال العالمية، بما فيها الأوروبية، من خلال تخفيف تكاليف الاقتراض وتحفيز السيولة.
أداء متميز للأسهم الألمانية وقطاع السيارات
على صعيد الأسواق المحلية، برزت الأسهم الألمانية كأحد الرابحين، حيث ارتفعت بنسبة (0.7%). وجاء هذا الارتفاع مدعوماً بتطورات تشريعية داخلية تمثلت في تمرير البرلمان لمشروع قانون معاشات التقاعد، وهو ما يعزز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في أكبر اقتصاد بأوروبا.
وكان قطاع السيارات وقطع الغيار هو النجم الأبرز خلال تداولات الأسبوع، حيث حقق قفزة نوعية بارتفاع بلغت نسبته (5.6%). ويعود هذا الأداء القوي بشكل رئيسي إلى التغيرات التنظيمية في الولايات المتحدة، وتحديداً إلغاء الإدارة الأمريكية لقواعد استهلاك الوقود السابقة الأكثر صرامة. هذا القرار يعتبر محفزاً كبيراً لشركات صناعة السيارات الأوروبية التي تمتلك حصصاً سوقية كبيرة في أمريكا، حيث يقلل من أعباء الامتثال البيئي ويعزز هوامش الربحية المتوقعة.
انتعاش قطاعات التجزئة والتكنولوجيا والموارد
لم تقتصر المكاسب على السيارات فحسب، بل امتدت لتشمل قطاعات حيوية أخرى:
- قطاع التجزئة: سجل ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة (5%)، مدفوعاً بالأداء القوي والمبيعات المرتفعة لشركة “إنديتكس”، المجموعة المالكة للعلامة التجارية الشهيرة “زارا”، مما يعكس استمرار الطلب الاستهلاكي القوي.
- قطاع التكنولوجيا: واكب نظيره العالمي محققاً مكاسب بنسبة (2.7%)، مستفيداً من الزخم المستمر حول تقنيات الذكاء الاصطناعي والرقمنة.
- الموارد الأساسية: ارتفع القطاع بنسبة (3.2%)، تزامناً مع صعود أسعار النحاس إلى مستويات قياسية، وهو ما يعد مؤشراً إيجابياً على النشاط الصناعي العالمي.
تراجع قطاع التأمين
في المقابل، لم تكن الصورة وردية لجميع القطاعات، حيث شهد قطاع التأمين ضغوطاً بيعية. وتصدر سهم شركة “سويس ري” قائمة الخاسرين بهبوط حاد بلغت نسبته (6.5%). جاء هذا التراجع بعد إعلان الشركة عن أهدافها المالية لعام 2026 والتي جاءت دون توقعات المحللين، مما أدى إلى انخفاض مؤشر قطاع التأمين عموماً بنسبة (0.66%).