دشن مؤتمر «إكس بي لمستقبل الموسيقى» أعمال نسخته الخامسة في حي جاكس الإبداعي بالرياض، وسط حضور لافت لنخبة من قادة الصناعة الموسيقية العالميين والمواهب الصاعدة. ويأتي هذا الحدث السنوي، الذي تنظمه «مدل بيست»، ليرسم على مدار ثلاثة أيام خارطة طريق جديدة تهدف إلى تطوير البنية التحتية للموسيقى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، محتفياً بمرور خمس سنوات من التأثير المتنامي في الاقتصاد الإبداعي للمنطقة.
سياق التحول الثقافي ورؤية 2030
لا يمكن فصل انطلاق النسخة الخامسة من المؤتمر عن السياق العام للتحولات الثقافية الكبرى التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن رؤية 2030. فمنذ تأسيس هيئة الموسيقى وإطلاق الاستراتيجيات الوطنية للثقافة، تحولت الرياض إلى وجهة عالمية للفنون. ويُعد حي “جاكس”، الذي يحتضن الفعاليات، نموذجاً حياً لهذا التحول، حيث تم تحويل المنطقة الصناعية القديمة إلى منصة فنية نابضة بالحياة، مما يعكس التزام المملكة بخلق بيئة حاضنة للإبداع.
نضج القطاع وتحول الهواية إلى مهنة
شهد حفل الافتتاح وقفة احتفالية استعرضت مسيرة التحول الجذري الذي قاده المؤتمر. وفي كلمتها، أكدة ندى الهلابي، مديرة الاستراتيجية في “مدل بيست”، أن استمرار الحدث للعام الخامس يعد دليلاً ملموساً على نضج القطاع وتطور مواهب الفنانين، مشيرة إلى أن المؤتمر لم يعد مجرد منصة للنقاش بل محركاً للنمو.
من جانبه، أشار طلال البهيتي، الرئيس التنفيذي للعمليات، إلى التحول الجوهري في نظرة الجيل الجديد للموسيقى، مؤكداً أنها انتقلت من مجرد هواية شخصية إلى مسار مهني حقيقي ومستدام، بفضل توفر البنية التحتية والفرص العالمية التي لم تكن متاحة سابقاً، وهو ما يساهم في خفض معدلات البطالة بين المبدعين وفتح آفاق اقتصادية جديدة.
إعادة تعريف الإبداع وحماية الحقوق
شدد الرئيس الإبداعي أحمد العماري ”بالو“ على أن المشهد الموسيقي في السعودية يعيد تعريف مفهوم الإبداع، لافتاً إلى أن ”مدل بيست“ تلتزم بتوفير مساحات حرة للنمو والتجربة تدعم ظهور الفنانين وتمكنهم. وتحول المؤتمر إلى منصة معرفية تفاعلية، حيث ناقشت الجلسات ملفات شائكة وحيوية، تصدرتها قضايا حقوق الملكية الفكرية، وآليات حماية الإبداع وتحقيق الدخل، وهي ركائز أساسية لضمان استدامة الصناعة وحفظ حقوق المؤلفين والملحنين في العصر الرقمي.
التكنولوجيا والتراث: مزيج المستقبل
استعرضت الجلسات الحوارية مفهوم ”التراث المعاصر“، باحثة في سبل أرشفة الموروث السعودي الغني وإعادة تخيله صوتياً لتقديمه للعالم بقالب حديث. كما تم استكشاف العلاقة المتنامية بين التأليف الموسيقي وصناعة الألعاب الإلكترونية، وهو قطاع يشهد نموًا هائلاً في المملكة. وقدمت منصة ”يوتيوب ميوزيك“ رؤى متقدمة حول السرد البصري بالتعاون مع شركة زين، فيما ركزت ورش العمل التقنية على فنون تنسيق الأغاني والإنتاج الموسيقي، مقدمة للمشاركين أدوات عملية لبناء الهوية الصوتية.
ليالي إكس بي: كرنفال فني عالمي
مع حلول المساء، تحول الحدث إلى كرنفال فني عبر فعاليات ”إكس بي نايت“، التي كشفت عن التنوع الثقافي للمؤتمر من خلال عروض حية لفنانين عالميين وإقليميين مثل لينا مخول وفرقة ”باب لبلوز“. وسلطت العروض الضوء على مواهب تسجيلات ”بيترووت“، بمشاركة فنانين صاعدين مثل زياد ظاظا وأصايل، مما يعكس التزام المؤتمر بدعم مختلف الألوان الموسيقية من الهيب هوب إلى الموسيقى البديلة والإلكترونية، مرسخاً مكانته كقوة ناعمة ومحرك استراتيجي للمنظومة الموسيقية في المنطقة.
