أحيت جمعية الكشافة العربية السعودية فعاليات اليوم العالمي للتطوع، معتبرة هذه المناسبة محطة مفصلية لتجديد العهد مع القيم الإنسانية النبيلة، ومؤكدة أن العمل التطوعي في المملكة العربية السعودية تجاوز مفهوم النشاط الموسمي العابر ليصبح ركيزة أساسية في بناء الشخصية الوطنية وثقافة حياة مستدامة.
ويأتي هذا الاحتفاء متناغماً مع الحراك الكشفي العالمي الذي يضم تحت مظلته أكثر من 57 مليون كشاف حول العالم، حيث يسعى الجميع لخدمة مجتمعاتهم بروح المسؤولية. وتعود جذور هذه الحركة إلى عام 1907م، حينما وضع اللورد بادن باول اللبنات الأولى للكشافة كحركة تربوية تطوعية غير سياسية، تهدف إلى تنمية الشباب بدنياً وثقافياً واجتماعياً، وهو الإرث الذي تواصل الكشافة السعودية تعزيزه وتطويره بما يتلاءم مع المتغيرات العصرية.
منهجية حياة لا مجرد رد فعل
وفي هذا السياق، أوضح نائب رئيس الجمعية، الدكتور عبدالرحمن المديرس، أن الاحتفال باليوم العالمي للتطوع لا يقف عند حدود التكريم البروتوكولي للمنجزين، بل يمتد للاحتفاء بالقيم السامية التي يحملها المتطوعون. وشدد المديرس على أن التطوع يمثل ثقافة متكاملة تشكل وعي الفرد بذاته ومحيطه، وتمنحه شعوراً عميقاً بالانتماء الوطني، نافياً أن يكون العمل التطوعي مجرد رد فعل لظروف طارئة أو أزمات مؤقتة، بل هو شراكة استراتيجية فاعلة في مسيرة التنمية الشاملة التي تضع الإنسان محوراً لاهتمامها.
التطوع ورؤية المملكة 2030
وتكتسب دعوة الكشافة السعودية لترسيخ ثقافة التطوع أهمية خاصة في ظل رؤية المملكة 2030، التي تطمح للوصول إلى مليون متطوع سنوياً في القطاع غير الربحي. وتلعب الكشافة دوراً محورياً في تحقيق هذا المستهدف الوطني من خلال تأهيل الكوادر الشابة وتدريبهم على مهارات القيادة والعمل الجماعي، مما يجعلهم وقوداً محركاً للتنمية المستدامة ورافداً أساسياً لتعزيز التلاحم الاجتماعي.
ولعل أبرز النماذج العملية لهذا الدور الحيوي هو ما يقدمه الكشافة في مواسم الحج والعمرة، حيث يسطرون أروع الأمثلة في خدمة ضيوف الرحمن، مقدمين صورة مشرفة عن الشباب السعودي للعالم أجمع، وهو ما يعكس الدعم الكبير الذي توليه القيادة الرشيدة لهذا القطاع.
أبعاد عالمية ومبادرة رسل السلام
وعلى الصعيد الدولي، لم يقتصر دور الكشافة السعودية على الشأن المحلي، بل امتد ليشمل العالم عبر مبادرة “رسل السلام” التي انطلقت من المملكة بدعم سخي ورعاية كريمة، لتجوب قارات العالم حاملة رسالة التسامح والحوار. وقد مكنت هذه المبادرة ملايين الشباب حول العالم من ابتكار مشاريع نوعية تخدم مجتمعاتهم وتدعم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، مما رسخ مكانة المملكة كدولة رائدة في العمل الإنساني والكشفي.
واختتمت الجمعية بيانها بالتأكيد على أن المنهج الكشفي القائم على مبدأ “التعلم بالممارسة” قد نجح في تحويل التطوع إلى سلوك يومي وعادة متأصلة لدى النشء، مستنداً إلى مبادئ الواجب نحو الله، ونحو الآخرين، ونحو الذات، لتستمر الكشافة السعودية منارة للمسؤولية المجتمعية ومدرسة لتخريج قادة المستقبل.