وجهت تركيا دعوة عاجلة وصريحة إلى كل من روسيا وأوكرانيا، مطالبة الطرفين بضرورة إبقاء البنى التحتية للطاقة خارج دائرة الصراع العسكري المحتدم، وذلك في أعقاب تصاعد الهجمات التي طالت منشآت حيوية وسفناً تجارية في البحر الأسود. وتأتي هذه الدعوة في وقت حساس تمر فيه أسواق الطاقة العالمية بحالة من الترقب والحذر.
أهمية البحر الأسود كشريان للطاقة العالمية
أكد وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، في تصريحات صحفية، على ضرورة حماية البنية التحتية للطاقة لما لها من تأثير مباشر وحيوي على الحياة اليومية للشعوب واستقرار الأسواق. وقال بيرقدار: “رسالتنا للطرفين واضحة: أبقوا منشآت الطاقة في منأى عن هذه الحرب”.
ويكتسب هذا التحذير أهمية استراتيجية خاصة نظراً للموقع الجيوسياسي للبحر الأسود والمضائق التركية (البوسفور والدردنيل)، التي تُعد ممرات حيوية ليس فقط للحبوب، بل لتدفقات النفط والغاز بين الشرق والغرب. وأي تعطل في هذه الممرات قد يؤدي إلى قفزات سعرية في أسواق الطاقة العالمية، مما يفاقم الضغوط التضخمية التي يعاني منها الاقتصاد العالمي حالياً.
تصاعد التوترات البحرية وحرب الناقلات
جاءت المناشدة التركية بعد سلسلة من الهجمات المتبادلة، حيث أطلقت القوات الأوكرانية زوارق مسيرة استهدفت مرسى نفطياً روسياً وناقلات تابعة لما يُعرف بـ”الأسطول الشبح” الذي تستخدمه موسكو لتجاوز العقوبات الغربية. وقد وقعت بعض هذه الحوادث على مسافة قريبة من السواحل التركية، مما أثار قلق أنقرة من احتمال اتساع رقعة الصراع لتشمل مياهها الإقليمية أو تهدد الملاحة الدولية.
في المقابل، هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باتخاذ إجراءات صارمة قد تحرم أوكرانيا من منافذها البحرية، واصفاً الهجمات بأنها أعمال “قرصنة”، وهو ما قوبل بقلق من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي حذر من مغبة هذا التصعيد.
الاعتماد التركي على الغاز الروسي وتنويع المصادر
وفي سياق متصل بملف الطاقة، تطرق الوزير التركي إلى العلاقات التجارية مع موسكو، مؤكداً أن روسيا تظل “مورداً موثوقاً” لأنقرة. وكشف بيرقدار عن بيانات حديثة تشير إلى أن روسيا زودت تركيا بنحو 40% من إجمالي وارداتها من الغاز الطبيعي خلال عام 2024، وهي نسبة منخفضة مقارنة بـ60% في سنوات سابقة، مما يعكس نجاح سياسة تنويع المصادر التي تنتهجها تركيا.
وأشار الوزير إلى أن المحادثات جارية حالياً لتمديد عقد استيراد الغاز الذي ينتهي بحلول 31 ديسمبر، مشدداً على أن أولوية أنقرة القصوى هي “أمن الواردات”. وأضاف أن بلاده تعتمد على مزيج من المصادر يشمل الغاز الروسي، والإيراني، والأذربيجاني، لضمان عدم الارتهان لمصدر واحد، وذلك رداً على دعوات أمريكية سابقة طالبت بتقليل الاعتماد على الطاقة الروسية.