كشفت أحدث البيانات الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء عن قفزة نوعية في أداء الاقتصاد السعودي، حيث سجل إجمالي حجم التجارة الدولية للمملكة العربية السعودية خلال الربع الثالث من عام 2025 ما يقارب 540.5 مليار ريال. ويأتي هذا الرقم ليعكس نمواً سنوياً ملحوظاً بلغت نسبته 8.6%، بزيادة تعادل 43 مليار ريال مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق 2024، والتي سجلت حينها 497.5 مليار ريال، مما يؤكد متانة الحراك الاقتصادي في المملكة.
وفي تفاصيل الميزان التجاري، استحوذت الصادرات السلعية على النصيب الأكبر بنسبة 56.1% من إجمالي التجارة، محققة قيمة بلغت 303.3 مليار ريال، في حين شكلت الواردات نسبة 43.9% بقيمة 237.2 مليار ريال. وقد أثمرت هذه الأرقام عن تحقيق فائض في الميزان التجاري للمملكة قدره 66.1 مليار ريال، وهو مؤشر إيجابي يعزز من الاحتياطيات الأجنبية ويدعم استقرار العملة الوطنية.
نمو قياسي في إعادة التصدير والخدمات اللوجستية
في سياق متصل برؤية المملكة 2030، والتي تهدف إلى تحويل السعودية إلى منصة لوجستية عالمية تربط القارات الثلاث، أظهرت البيانات طفرة كبيرة في نشاط “إعادة التصدير”. فقد شهدت السلع المعاد تصديرها ارتفاعاً لافتاً بنسبة 69.6% على أساس سنوي، لتصل قيمتها إلى 38.5 مليار ريال. هذا النمو الكبير يعكس نجاح الاستراتيجيات الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، وتطور البنية التحتية في الموانئ والمطارات السعودية التي باتت نقطة جذب لحركة التجارة العالمية.
وعلى صعيد الصادرات الوطنية غير البترولية (باستثناء إعادة التصدير)، فقد بلغت قيمتها نحو 57 مليار ريال، ورغم الانخفاض الطفيف السنوي، إلا أنها سجلت نمواً ربعياً بنسبة 3.1% مقارنة بالربع الثاني من العام نفسه. أما الصادرات البترولية، فلا تزال تشكل العمود الفقري للصادرات بقيمة 207.8 مليار ريال، ما يعادل 68.5% من الإجمالي، مما يبرز الدور المحوري للمملكة في استقرار أسواق الطاقة العالمية.
الشراكات الاستراتيجية والتوجه شرقاً
تُظهر الخريطة التجارية للمملكة استمرار تعزيز العلاقات الاقتصادية مع القارة الآسيوية، حيث تصدرت مجموعة الدول الآسيوية وجهات التصدير بنسبة استحواذ بلغت 71.7% من إجمالي الصادرات. وحافظت الصين على مكانتها كأكبر شريك تجاري للمملكة، تلتها الإمارات العربية المتحدة والهند. هذا التوجه يعكس الثقل الاقتصادي المتنامي للأسواق الآسيوية وأهميتها الاستراتيجية بالنسبة للاقتصاد السعودي.
ختاماً، تُعد هذه المؤشرات دليلاً ملموساً على فاعلية السياسات الاقتصادية المتبعة، حيث يساهم الفائض التجاري ونمو حركة التجارة في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي، وخلق فرص استثمارية واعدة، مما يدفع عجلة التنمية المستدامة في مختلف القطاعات الحيوية بالمملكة.