تشهد ألمانيا حالياً موجة صحية واسعة النطاق مع دخول فصل الشتاء، حيث يعاني ما يقارب 2.7 مليون شخص من عدوى حادة في الجهاز التنفسي، وذلك وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن معهد روبرت كوخ (RKI) المختص بالأمراض المعدية والرقابة الصحية في البلاد. وتأتي هذه الأرقام لتسلط الضوء على التحديات الصحية الموسمية التي تواجهها القارة الأوروبية مع انخفاض درجات الحرارة.
تفاصيل التقرير الوبائي ومعدلات الإصابة
أوضح المعهد في تقريره الأسبوعي الصادر اليوم الخميس، أن معدل الإصابات قد وصل إلى مستويات تستدعي الانتباه، حيث يقدر بـ 8700 حالة لكل 100 ألف نسمة. ويصف الخبراء هذا المستوى بأنه مرتفع مقارنة بالمعدلات الاعتيادية خارج مواسم الذروة. وتستند هذه الإحصائيات الدقيقة إلى البيانات التي يتم جمعها عبر بوابة "شبكة الإنفلونزا الإلكترونية" (GrippeWeb)، وهي منصة تعتمد على إبلاغ المواطنين عن أعراضهم بشكل طوعي، وتغطي هذه البيانات الفترة الممتدة من 24 حتى 30 نوفمبر الماضي.
السياق الموسمي وطبيعة الفيروسات المنتشرة
تأتي هذه الزيادة في أعداد المصابين كجزء من النمط الموسمي المعتاد لأمراض الشتاء في ألمانيا، حيث تنشط فيروسات الجهاز التنفسي بشكل ملحوظ في الأجواء الباردة والمغلقة. ووفقاً لمعهد روبرت كوخ، فقد تم رصد سلالة الإنفلونزا A(H1N1)pdm09 بشكل مكثف هذا الموسم، وهي السلالة التي ظهرت لأول مرة خلال جائحة عام 2009 وتحولت منذ ذلك الحين إلى فيروس موسمي شائع. وقد تفوقت هذه السلالة في الانتشار على غيرها من الفيروسات التنفسية في الوقت الراهن.
أهمية التطعيم وتوصيات اللجنة الدائمة (Stiko)
في ظل هذا الانتشار الواسع، أكد المعهد على فعالية اللقاحات المتاحة، مشيراً إلى أنه تم فحص مدى توافق سلالات الإنفلونزا الحالية مع أمصال اللقاح المستخدمة. وصرح المعهد قائلاً: "من المتوقع أن يستمر لقاح الإنفلونزا في توفير حماية قوية ضد الحالات الشديدة والمضاعفات الخطيرة". ويعد هذا التصريح تطميناً مهماً للجمهور حول جدوى الإجراءات الوقائية.
وفي هذا السياق، جدد التقرير الدعوة للالتزام بتوصيات اللجنة الدائمة للتطعيم (Stiko)، التي تنصح فئات محددة بضرورة الحصول على لقاح الإنفلونزا لتجنب المضاعفات الصحية. وتشمل هذه الفئات:
- الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً.
- أصحاب الأمراض المزمنة التي قد تضعف المناعة.
- النساء الحوامل.
- المقيمين في دور رعاية المسنين.
- العاملين في المجال الطبي والرعاية الصحية نظراً لتعرضهم المستمر للمرضى.
التأثير المتوقع على النظام الصحي
يُتوقع أن يؤدي هذا الارتفاع في حالات العدوى التنفسية إلى زيادة الضغط على العيادات الطبية والمستشفيات في مختلف الولايات الألمانية، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الإجازات المرضية بين الموظفين، مما قد يلقي بظلاله على سير العمل في بعض القطاعات. لذا، ينصح الخبراء بضرورة اتباع إجراءات النظافة العامة، مثل غسل اليدين بانتظام وتجنب الأماكن المزدحمة عند الشعور بأعراض المرض، للحد من وتيرة انتشار العدوى وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر.