تتجه أنظار عشاق الساحرة المستديرة حول العالم صوب العاصمة الأميركية واشنطن، التي تستعد لاستضافة حدث كروي استثنائي يمثل نقطة تحول في تاريخ كرة القدم. في مركز كينيدي العريق، ستُجرى مراسم قرعة كأس العالم 2026، النسخة التي توصف بأنها الأضخم والأكثر تعقيداً منذ انطلاق البطولة، حيث يترقب الملايين معرفة مسار منتخباتهم في رحلة البحث عن اللقب الأغلى.
حقبة تاريخية جديدة: من 32 إلى 48 منتخباً
لا تعد هذه النسخة مجرد بطولة عادية، بل هي تدشين لعهد جديد في عالم المونديال. فبعد سنوات طويلة من الاستقرار على نظام الـ 32 منتخباً الذي بدأ في فرنسا 1998، قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) توسيع رقعة المشاركة لتشمل 48 منتخباً للمرة الأولى في التاريخ. هذا التوسع لا يعني فقط زيادة في عدد المباريات، بل يمثل تحولاً استراتيجياً يهدف إلى منح فرص أكبر لمنتخبات من قارات كانت مقاعدها محدودة سابقاً، مثل أفريقيا وآسيا، مما يعزز من عالمية اللعبة وشعبيتها.
تصنيف المنتخبات: معادلات معقدة وحضور عربي لافت
وفقاً للآلية الرسمية، تم تقسيم المنتخبات إلى أربعة أوعية، حيث يضم كل وعاء 12 منتخباً. وقد أسفرت التصنيفات عن توزيعات مثيرة للاهتمام:
- الوعاء الأول (النخبة): يضم الدول المستضيفة (الولايات المتحدة، المكسيك، كندا) إلى جانب عمالقة اللعبة مثل البرازيل، الأرجنتين، فرنسا، ألمانيا، إنجلترا، إسبانيا، البرتغال، وهولندا.
- الوعاء الثاني (التوازن): يشمل منتخبات قوية مثل المغرب، كرواتيا، الأوروغواي، واليابان.
- الوعاء الثالث (الكتيبة العربية): يشهد تواجداً عربياً قوياً يضم السعودية، مصر، الجزائر، تونس، وقطر، مما يضع هذه المنتخبات أمام تحديات محتملة مع فرق النخبة.
- الوعاء الرابع (الغموض): يضم منتخبات أقل تصنيفاً، لكنه يحمل قنابل موقوتة بانتظار المتأهلين من الملحق الأوروبي والقاري.
سيناريوهات الرعب: إيطاليا ومجموعة الموت
رغم بساطة التوزيع النظري، إلا أن الواقع يحمل تعقيدات قد تسفر عن مجموعات نارية. المفارقة الأبرز تكمن في المنتخب الإيطالي، بطل العالم أربع مرات، الذي قد يجد نفسه في الوعاء الرابع بسبب تأهله عبر الملحق (في حال تجاوزه). هذا الوضع قد يخلق "مجموعة موت" تاريخية، حيث يتوقع المحللون سيناريو مرعباً يجمع الأرجنتين (الوعاء الأول)، المغرب (الوعاء الثاني)، وإيطاليا (الوعاء الرابع)، مما يعني مواجهات مبكرة من العيار الثقيل قد تطيح بأسماء كبرى من الدور الأول.
الأثر الاقتصادي والجيوسياسي للبطولة
تتجاوز أهمية مونديال 2026 حدود المستطيل الأخضر؛ فتنظيم البطولة بتشارك ثلاثي بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا يحمل دلالات اقتصادية وسياسية عميقة. يُتوقع أن تدر البطولة عوائد مالية قياسية وتنشط قطاعات السياحة والبنية التحتية في أميركا الشمالية. كما أن شعار "كرة القدم توحّد العالم" الذي يرفعه الفيفا سيتم اختباره فعلياً عبر قدرة هذه الدول على تنظيم حدث يجمع شعوباً وثقافات مختلفة في مساحة جغرافية شاسعة.
اللحظة الحاسمة
بينما تنتظر بعض المنتخبات مصيرها في ملاحق أوروبية وقارية مشتعلة، مثل مواجهات أوكرانيا المحتملة أو مسار العراق في الملحق القاري، يبقى موعد القرعة يوم الجمعة هو الحدث الفاصل. عند الساعة الثانية عشرة ظهراً بتوقيت واشنطن، ستتوقف عقارب الساعة رياضياً، لتبدأ حكاية مونديال 2026 فعلياً قبل ركلة البداية المقررة في يونيو، حيث ستحدد الكرات الزجاجية الصغيرة مصائر دول بأكملها.
