سجلت سوق العمل في الولايات المتحدة الأمريكية أداءً قوياً غير متوقع، حيث تراجعت طلبات إعانة البطالة الجديدة إلى أدنى مستوياتها في أكثر من ثلاث سنوات، وتحديداً منذ سبتمبر 2022. هذا الانخفاض الكبير يشير بوضوح إلى استمرار متانة الاقتصاد الأمريكي وقدرته على توليد الوظائف أو الحفاظ عليها رغم التحديات الاقتصادية العالمية وأسعار الفائدة المرتفعة.
تفاصيل البيانات الحكومية وأرقام البطالة
وفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة العمل الأمريكية، انخفضت الطلبات المقدمة للحصول على إعانة البطالة الحكومية بمقدار 27 ألف طلب، ليصل الإجمالي المعدل موسمياً إلى 191 ألف طلب فقط خلال الأسبوع المنتهي في 29 نوفمبر. وجاءت هذه الأرقام لتخالف بشكل إيجابي توقعات الاقتصاديين وخبراء المال الذين كانوا يرجحون وصول الطلبات إلى نحو 220 ألف طلب، مما يعكس مرونة غير متوقعة في قطاع التوظيف.
تأثير العوامل الموسمية وعطلة عيد الشكر
أشار المحللون إلى أن هذا الانخفاض الحاد قد يكون متأثراً جزئياً بالعوامل الموسمية، حيث تزامنت فترة الرصد مع عطلة عيد الشكر. ومن المعروف تاريخياً أن البيانات الاقتصادية خلال مواسم العطلات تشهد نوعاً من التقلب وعدم الاستقرار في القراءات الأولية. ومع ذلك، فإن بقاء الأرقام ضمن هذه النطاقات المنخفضة تاريخياً يؤكد حقيقة أساسية وهي محدودية عمليات التسريح الجماعي للعمالة في الشركات الأمريكية في الوقت الراهن.
تضارب المؤشرات الاقتصادية: تقرير ADP مقابل البيانات الحكومية
يأتي هذا التقرير الإيجابي لوزارة العمل في وقت حساس، حيث يتناقض ظاهرياً مع تقرير مؤسسة "إيه.دي.بي" (ADP) الذي صدر مؤخراً. فقد أظهر تقرير ADP أكبر انخفاض في وظائف القطاع الخاص منذ عامين ونصف خلال شهر نوفمبر، مما خلق حالة من الضبابية لدى المستثمرين حول الاتجاه الحقيقي لسوق العمل. هذا التباين بين انخفاض طلبات الإعانة (إيجابي) وتباطؤ التوظيف الخاص (سلبي) يضع الاحتياطي الفيدرالي أمام تحديات في قراءة المشهد الاقتصادي بدقة لتحديد مسار السياسة النقدية القادم.
تداعيات الإغلاق الحكومي وتأجيل البيانات
في سياق متصل، يواجه المراقبون الاقتصاديون نقصاً في البيانات الشاملة بسبب الظروف الإدارية، حيث أرجأ مكتب إحصاءات العمل نشر تقرير الوظائف الشهري الشامل – الذي يعتبر المؤشر الأهم للأسواق – بسبب الإغلاق الحكومي الذي استمر لمدة 43 يوماً. ومن المقرر أن يصدر هذا التقرير المرتقب في 16 ديسمبر، والذي سيعطي صورة أوضح وأكثر شمولية عن صحة الاقتصاد الأمريكي، وسيحسم الجدل الدائر حول ما إذا كان سوق العمل يتباطأ بالفعل أم أنه لا يزال يحتفظ بقوته الدافعة.