شهدت أسواق المعادن النفيسة تراجعاً ملحوظاً خلال تعاملات اليوم الخميس، حيث انخفضت أسعار الذهب والفضة متأثرة بموجة من التفاؤل اجتاحت أسواق الأسهم العالمية في كل من آسيا وأوروبا. ويأتي هذا التحرك السعري في وقت يحبس فيه المستثمرون أنفاسهم ترقباً للاجتماع المرتقب لمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) الأسبوع المقبل، بحثاً عن إشارات حاسمة بشأن مستقبل السياسة النقدية ومسار أسعار الفائدة.
تفاصيل حركة الأسعار في الأسواق العالمية
في تفاصيل التداولات، انخفض الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.2% ليصل إلى مستوى 4199.06 دولار للأوقية، بينما سجلت العقود الأمريكية الآجلة تسليم شهر فبراير تراجعاً طفيفاً بنسبة 0.1% لتستقر عند 4229 دولار للأوقية. ولم تكن الفضة بمنأى عن هذا الهبوط، حيث تراجعت بنسبة 1.7% لتصل إلى 57.5 دولار، وذلك بعد أن سجلت في الجلسة السابقة أعلى مستوى لها عند 58.98 دولار، علماً بأن المعدن الأبيض قد حقق مكاسب استثنائية منذ بداية العام تجاوزت 101%. كما طال التراجع معادن أخرى، حيث انخفض البلاتين بنسبة 1.8% إلى 1641.95 دولار، وهبط البلاديوم بنفس النسبة مسجلاً 1434 دولار.
العلاقة العكسية بين الأسهم والذهب
علق ريكاردو إيفانجليستا، المحلل المالي في "أكتيف تريدز"، على هذه التحركات مشيراً إلى أن المتعاملين يلتزمون الحذر قبل صدور بيانات اقتصادية هامة، مضيفاً أن ارتفاع شهية المخاطرة والتوجه نحو أسواق الأسهم يحد من جاذبية الذهب كملاذ آمن. ومن الناحية الاقتصادية، غالباً ما توجد علاقة عكسية بين أسواق الأسهم والذهب؛ فعندما تنتعش الأسهم وتزيد رغبة المستثمرين في المخاطرة لتحقيق عوائد أعلى، يتراجع الطلب على الذهب الذي لا يدر عائداً دورياً، والعكس صحيح في أوقات الأزمات.
مؤشرات سوق العمل وتأثيرها على الفائدة
تلقى صعود الأسهم العالمية دعماً قوياً من التوقعات المتزايدة بقرب خفض أسعار الفائدة الأمريكية، خاصة بعد ظهور بيانات تشير إلى تباطؤ سوق العمل. فقد كشف تقرير مؤسسة "إيه.دي.بي" أن القطاع الخاص فقد 32 ألف وظيفة خلال شهر نوفمبر، وهو أكبر انخفاض يتم تسجيله منذ أكثر من عامين ونصف، مما يعزز الفرضية بأن الاقتصاد بدأ يبرد، وهو ما قد يدفع الفيدرالي لتيسير السياسة النقدية.
ترقب البيانات الحاسمة وقرار الفيدرالي
تتجه أنظار الأسواق حالياً صوب بيانات إعانات البطالة الأمريكية الصادرة اليوم، بالإضافة إلى مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي لشهر سبتمبر المقرر صدوره غداً، والذي يعد المقياس المفضل للتضخم لدى الفيدرالي. وتكتسب هذه البيانات أهمية قصوى كونها الأخيرة قبل اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة. وتشير أداة "فيد ووتش" إلى أن احتمالية خفض الفائدة في الاجتماع القادم تصل إلى 89%، وهو قرار سيكون له تداعيات واسعة النطاق ليس فقط على الذهب، بل على قوة الدولار وحركة رؤوس الأموال في الأسواق الناشئة.