اختتمت في العاصمة البحرينية المنامة أعمال الدورة السادسة والأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتي جاءت في توقيت إقليمي ودولي دقيق يستدعي تعزيز التلاحم ووحدة الصف. وقد ركز البيان الختامي للقمة بشكل رئيسي على المضي قدماً في التنفيذ الكامل والدقيق لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، التي تهدف إلى تعزيز العمل الخليجي المشترك ونقله إلى آفاق أرحب من التكامل والترابط.
رؤية الملك سلمان: خارطة طريق للوحدة الخليجية
شكلت رؤية خادم الحرمين الشريفين، التي أقرها المجلس في عام 2015، العمود الفقري لمخرجات قمة البحرين. وتكتسب هذه الرؤية أهمية استراتيجية قصوى كونها تضع الأسس العملية للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وهو هدف استراتيجي تسعى دول المجلس لتحقيقه لضمان الاستقرار الأمني والاقتصادي للمنطقة. وقد شدد القادة على ضرورة استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمنظومتين الدفاعية والأمنية، في خطوة تعكس إدراكاً عميقاً للتحديات الجيوسياسية المحيطة بالمنطقة.
جهود ولي العهد السعودي ودعم السلام في السودان
في سياق الدور الريادي للمملكة العربية السعودية، أشاد المجلس الأعلى بالجهود الدبلوماسية المكثفة التي يقودها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء. وثمن البيان بشكل خاص تحركات سموه لدعم السلام في السودان، بما في ذلك زيارته لواشنطن والتنسيق مع الإدارة الأمريكية لإنهاء الصراع الدائر. ويأتي هذا الترحيب بالتعاون السعودي-الأمريكي-الإماراتي-المصري كدليل على ثقل الدبلوماسية الخليجية وقدرتها على التأثير في الملفات الإقليمية الساخنة، سعياً لتحقيق استقرار دائم في القرن الأفريقي والبحر الأحمر.
التكامل الاقتصادي ومشاريع المستقبل
لم تغفل القمة الجانب الاقتصادي الذي يعد عصب التنمية المستدامة؛ حيث تم اعتماد خطوات عملية نحو السوق الخليجية المشتركة، أبرزها تشغيل منصة تبادل البيانات الجمركية وتسهيل تجارة الخدمات. كما رحب المجلس بمقترح إقامة منتدى “صُنع في الخليج”، وهي مبادرة تهدف لتعزيز المحتوى المحلي وتنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، بما يتماشى مع الرؤى الوطنية لدول المجلس.
موقف ثابت تجاه القضايا الإقليمية
على الصعيد السياسي، جدد قادة دول مجلس التعاون تأكيدهم على أن أمن دول المجلس كل لا يتجزأ. وفيما يخص القضية الفلسطينية، أكد البيان على مركزية القضية وضرورة وقف العدوان على غزة، مشيداً بجهود الوساطة القطرية والمصرية. كما جدد المجلس موقفه الحازم والداعم لسيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث المحتلة من قبل إيران، داعياً طهران للاستجابة لمساعي الحل السلمي، ومؤكداً في الوقت ذاته على احترام سيادة دولة الكويت وحقوقها في حقل الدرة والحدود البحرية مع العراق.