تتجه أنظار عشاق الفلك والظواهر الطبيعية في المملكة العربية السعودية والوطن العربي، مساء اليوم الخميس 4 ديسمبر، نحو السماء لترقب حدث فلكي مميز يسدل الستار على ظواهر هذا العام، حيث يكتمل ثالث وآخر "قمر عملاق" في عام 2025. وقد أكد المهندس ماجد أبو زاهرة، رئيس الجمعية الفلكية بجدة، أن هذا الحدث يمثل فرصة مثالية للرصد والتصوير، موضحاً التفاصيل العلمية والظاهرية لهذا المشهد البديع.
تفاصيل الظاهرة وموعد الذروة
وفقاً للحسابات الفلكية، سيشرق القمر مع غروب الشمس مباشرة من الأفق الشرقي، متميزاً بحجم ظاهري أكبر بنسبة تتراوح بين 7% و8%، وإضاءة أكثر سطوعاً بنحو 15% إلى 16% مقارنة بالأقمار البدرية المعتادة. ويصل القمر إلى لحظة الاكتمال التام (البدر) عند الساعة 02:14 فجر الجمعة 5 ديسمبر بتوقيت مكة المكرمة، حيث يكون في وضعية تقابل هندسي كامل مع الشمس بزاوية 180 درجة.
لماذا نراه عملاقاً وملوناً؟
تكتسب هذه الظاهرة مسمى "القمر العملاق" نظراً لتزامن اكتمال البدر مع وصول القمر إلى نقطة "الحضيض"، وهي أقرب نقطة للأرض في مداره البيضاوي، حيث تتقلص المسافة بينهما لتصل إلى حوالي 357,219 كيلومتراً. وفي لحظات شروقه الأولى، قد يكتسي القمر لوناً وردياً أو برتقاليًا خلاباً؛ ويعود ذلك إلى فيزياء الغلاف الجوي للأرض التي تعمل على تشتيت الأطوال الموجية القصيرة للضوء (مثل الأزرق) وتسمح بمرور الأطوال الموجية الطويلة (مثل الأحمر والبرتقالي) لتصل إلى عين الراصد، وهي نفس الظاهرة التي تمنح الشفق ألوانه الساحرة.
التأثيرات البيئية والطبيعية المتوقعة
من الناحية الجيوفيزيائية، يثير اقتراب القمر تساؤلات حول تأثيره على الأرض. علمياً، لا يؤثر القمر العملاق على توازن الطاقة الداخلية للكوكب ولا علاقة له بالكوارث الطبيعية أو الزلازل كما يشاع في بعض الأوساط. التأثير الملحوظ الوحيد ينحصر في ظاهرة "المد والجزر"؛ حيث يتسبب القرب والاصطفاف مع الشمس في حدوث ما يعرف بـ "المد العالي الحضيضي"، مما قد يؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه بشكل طفيف على السواحل، وهو أمر طبيعي ودوري لا يدعو للقلق.
أهمية الحدث ثقافياً وعلمياً
تعد مثل هذه الظواهر فرصة ذهبية لتعزيز الثقافة الفلكية في المجتمع، حيث تحفز الأجيال الناشئة على الاهتمام بعلوم الفضاء. كما تمثل مادة دسمة للمصورين المحترفين والهواة لتوثيق معالم المملكة الطبيعية والعمرانية تحت ضوء القمر الساطع. تاريخياً، ارتبط العرب برصد القمر لتحديد المواقيت والشهور، وتأتي هذه الأحداث لتذكرنا بهذا الإرث الحضاري العريق.
نصائح فلكية جدة للرصد والتصوير
ينصح المهندس أبو زاهرة الراغبين في توثيق هذا المشهد باستخدام المناظير الثنائية الصغيرة أو التلسكوبات لرؤية تفاصيل سطح القمر، مثل الفوهات المشعة كفوهة "تيخو". وللمصورين، يُفضل استخدام حوامل ثلاثية (Tripods) لضمان ثبات الصورة، خاصة عند استخدام عدسات التقريب. الجدير بالذكر أن القمر سيبدأ في الأيام المقبلة بالشروق متأخراً تدريجياً، ليتحول ظهوره إلى فترات الفجر، وصولاً إلى طور التربيع الأخير بعد نحو أسبوع.